وصل الحبيب علي الجفري إلى مطار كوبنهاجن عاصمة الدنمرك يوم الأربعاء (8 صفر 1427 الموافق 8 مارس 2006) بعد المغرب، قادما من العاصمة البريطانية لندن وتوجه مباشرة إلى فندق فونكس في وسط العاصمة حيث التقى الأستاذ عمرو خالد والوفد المرافق له والذي سينزل فيه بقية المشاركين في الملتقى.
بدأ الحبيب علي الاتصال بأعضاء من الجالية الإسلامية مباشرة بعد وصوله. وجرى التواصل مع عدد من أطياف الجالية بتنوعها الفكري والعرقي، من المؤيدين وأيضا الاتجاهات الرافضة للحوار مع الدنمرك.
في صباح اليوم التالي (9 صفر 1427 الموافق 9 مارس 2006) كان الاجتماع الأول مع الأستاذ عمرو خالد وأعضاء من المؤسسة التي يرأسها (البداية الصحيحة Right Start ) وهي المؤسسة المعدة للمؤتمر من جهة المسلمين ثم انضم إلى الاجتماع السفير الدنمركي السابق في السعودية السيد (أولا) (مسلم) وهو المنسق للمؤتمر وتم بحث ترتيبات انعقاد المؤتمر.
وهي مؤسسة أنشأها شباب من الجيل الثاني من المسلمين الدنمركيين من أصول شرقية مسلمة مع عدد من مسلمي الدنمرك وقد جرى في اللقاء بحث أوضاع المسلمين عموما والشباب منهم خصوصا والطموحات المستقبلية للجالية المسلمة، كذلك عرض أعضاء من شباب المؤسسة الأنشطة القائمة والأفكار المستقبلية. وقدم لهم الحبيب علي العديد من النصائح وذكر لهم عددا من التجارب المشابهة للمسلمين في بعض الدول الأوربية الأخرى، وتمنى لهم أن يرى في المستقبل القريب طلبة علم شرعي منهم ومن ثم علماء دنمركيين مسلمين لترسيخ الإسلام في هذا البلد المسالم شعبه.
هي مؤسسة ممتدة في 83 دولة حول العالم ولها 3 أفرع في الدنمرك ومركزها الرئيس في باكستان. يرأس المؤسسة في كوبنهاجن الأستاذ ثروت، وله عبر المؤسسة العديد من الأنشطة في الدنمرك (أنشطة دينية وتربوية وإعلامية). ويعتبر عضو نشط في أوساط الجالية المسلمة عموما. وقد رحب بالحبيب وطلب أن يسجل لهم حلقة تلفزيونية في برنامجهم الأسبوعي، وأن يزورهم في مقرهم يوم السبت كما أبدى تأيده للحوار مع الجهات الدنمركية حيث أن ذلك أفضل سبيل للجالية المسلمة في الدنمرك لنيل مطالبها وأبدى استغرابه من إعلان رفض اللجنة الأوروبية لنصرة خير البرية للحوار دون مشاورته وهو من مؤسسيها وكذلك أبدى استغراب عدد من المؤسسين الذين لم تتم مشاورتهم في رفض الحوار.
يوجد عدد كبير من الجالية البوسنية في الدنمرك من اللاجئين أثناء حرب البوسنة والهرسك ولهم في الدنمرك أربع عشرة مركزا يعتني بالجالية في النواحي الدينية والاجتماعية.
وقد حضر رئيس الجالية الشيخ عبدالله فيزيتش ويرافقه الشيخ رشاد للقاء الحبيب علي والترحيب به وأيد رئيس الجالية الحوار و المسعى الذي قام به دعاة الإسلام والبيان الذي تبناه علماء ودعاة من مختلف دول العالم، ومن بينهم مفتو وعلماء البلقان (البوسنة وكرواتيا والسنجق وسلفانيا وكوسوفا).
في صباح تلاشت منه الغيوم وأشرقت شمسه على مدينة كوبنهاجن توحي بذهاب الشتاء وقدوم الربيع، ذهب وفد الحوار المكون من الداعية عمرو خالد والحبيب علي الجفري ود.طارق سويدان يصحبهم 25 شابا مسلما كانوا قد تحاوروا مع نظرائهم من شباب الدنمرك طوال يوم الخميس حول النواحي الثقافية ومفهوم حرية التعبير وأسس التعايش.
ترأس طاولة الحوار السفير (أولا) وعن يمينه الأستاذ عمرو خالد و الحبيب علي الجفري ود.طارق سويدان وعن يساره الأستاذ الجامعي جورقن سيمانسن والأسقف كلستن نسن والمستشرق د.يعقوب بترسن مدير المركز الدنمركي للدراسات الدولية بالقاهرة وحضر اللقاء العديد من وكالات الأنباء المحلية والدولية وعدد من مندوبي وكالات الأنباء العربية.
قبل الحوار عقد مؤتمر صحفي ذكر الأستاذ عمرو خالد في بدايته أن فكرة الحوار مبنية على مبدأ قوله تعالى “وجادلهم بالتي هي أحسن”، وحيث أننا نعتقد جهل جزء كبير من الدنمركيين بديننا ورسولنا.. وما هو قدر الرسول في قلوبنا ولماذا كان رد الفعل الغاضب من المسلمين، فكانت هذه الزيارة وكان هذا الحوار.
وقد قدمنا إلى الدنمرك مادي أيدي التفاهم والتعاون في حل هذه المشكلة ولكن لم نجد إلى الآن الشريك المعتدل الذي لديه الرغبة الصادقة من قبل الجهات الرسمية في الدنمرك. وحث الأستاذ عمرو الأطراف المعتدلة في الجانبين الإسلامي والغربي إلي الجلوس معا من أجل إقامة جسور للتفاهم ووقف الصدام والصراع الذي اندلع عقب حملة الرسوم المسيئة للإسلام.
تحدث الحبيب علي الجفري عن عظمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في وجدان كل مسلم ومكانته العظيمة وذكر أمثله من رحمته وأخلاقه في التعامل مع من خالفه بل ومع من عاداه وكيف أن الإسلام انتشر بالمعاملة الحسنة والرحمة وضرب مثلا لذلك دخول الإسلام في اندونيسيا أكبر دولة إسلامية اليوم.
وتطرق إلى ملتقى حدث مع وسائل الإعلام في بريطانيا يوم الثلاثاء (8 صفر 1427 الموافق 8 مارس 2006) عندما سألوه عن سبب هذا الغضب و أنهم في الغرب لم يستطيعوا استيعاب مكانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلوبنا وأن الذي جعل تصور الأمر صعبا في أنفسهم هو عدم بقاء القيمة الرمزية للأشخاص أو الأشياء في ثقافتهم، وأن إحدى الصحفيات ذكرت أنها حاولت مقارنة الأمر بالعلم أو الملكة فلم تجد تأثرا يقارن بتأثر المسلمين فذهبت إلى تخيل أن الأمر متعلق بأبنائها فيما لو أهانهم أحد فبدأت تشعر بالأثر فأجابها بصحة مسلكها في التفكير غير أنه صلى الله عليه وآله وسلم لدى المسلمين أغلى من أنفسهم وأولادهم وأن المسلمين في هذا العصر يتعرضون لكثير من الظلم والأذى والموت لكن لم تثر ثائرتهم مثلما حصل عندما تعدي على نبيهم.
واستغرب الحبيب من عدم الاعتذار عن الإساءة والإدعاء بأن ذلك من ثقافة البلد في حين البلد الاسكندينافي المجاور لهم (النرويج) اعتذرت رسميا عن رسوم مشابهة.
ووجه الحبيب علي دعوة لاستضافة مؤسسة طابة للدراسات الإسلامية لعدد من الشباب الدنمركي في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في الشهر القادم لإكمال الحوار والتعرف من أرض الواقع على هذا الحدث.
أما د. طارق سويدان فقال أنه لا مشكلة في العالم الإسلامي مع حرية الرأي والتعبير ولا مع الرسومات الكاريكاتيرية أو الفن بشكل عام، غير أن المشكلة تبدو عندما نهاجم ونهان في شخص رسولنا الكريم بدعوى حرية الرأي وأن ادعاء الحكومة الدانمركية بأن الرسومات المسيئة لرسولنا الكريم حرية رأي وتعبير ادعاء غير مقبول.. العالم الإسلامي لديه أشياء مقدسة أكبر من الهولوكوست (المحرقة النازية لليهود).
وينبغي أولا أن تعتذر الحكومة الدانمركية بشكل رسمي وواضح للعالم الإسلامي وللأقلية المسلمة بالدانمرك، وأن ترسي الحكومة أيضا مبادئ للاحترام المتبادل بيننا. وينبغي على الاتحاد الأوربي في هذا الصدد أن يسن قانون يمنع الاعتداء على الأديان وأن عدم الاستجابة لهذه المطالب سيدفع إلى استمرار المقاطعة الاقتصادية في العالم الإسلامي للمنتجات الدانمركية.
وطالب شعب الدانمرك أن يضغط على حكومته لكي تعتذر بشكل واضح عن الإساءة للمسلمين التي رفضت أن تقابل السفراء المسلمين عندما طلبوا منها أن تتدخل في ذلك.
ذكر البروفسور يعقوب عن التسامح أمام الآراء المخالفة في الإسلام، واستند في كلامه إلى نصوص من أمهات الكتب الإسلامية مثل إحياء علوم الدين للعلامة حجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي وانتهى إلى أن الكثير من سوء الفهم بين الجانبين الإسلامي والأوروبي يحتاج إلى مجهود كبير لبناء جسور بين الطرفين.
جاء فضيلة الشيخ خليل جعفر إمام وخطيب مسجد المركز الثقافي الإسلامي في كوبنهاجن (تأسس عام 1976م وهو أقدم مركز في الدنمرك) وطلب من الحبيب علي الجفري أن يخطب الجمعة واعتذر الحبيب لسابق ارتباطه مع مسجد الرابطة الإسلامية.
وأثناء فترة الاستراحة لمؤتمر الحوار لبى الحبيب علي الجفري دعوة المركز الثقافي الإسلامي لأداء خطبة الجمعة جرت في أكبر مسجد في الدنمرك وهو مسجد الرابطة الإسلامية، وتحدث فيها عن واجب المسلمين في هذا البلد تجاه دينهم ونصرة نبيهم وأنهم سفراء للإسلام. ونوه إلى سبب الحوار ومكانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لدى المسلمين.
وفي المساء جرت في مقر صحيفة بوليتكن (POLITIKAN) (وهي ثاني أكبر صحيفة دنمركية) مناظرة اشترك فيها الداعية عمرو خالد والحبيب علي الجفري ود.طارق سويدان (الذي غادر لموعد الطائرة) من جانب و عضو من الحزب اليميني الحاكم وآخر من الحزب اليميني المتطرف من الجانب الآخر وترأسها صحفي دنمركي.
وتطرق الدعاة إلى مطالبهم بالاعتذار ومقترحاتهم بإيجاد وسائل تقوية أواصر التعارف بين المسلمين والدنمركيين من إنشاء مركز للحوار في العاصمة كوبنهاجن وتعريف بالرسول الكريم في المناهج الدنمركية.
في حين بسط عضو الحزب اليميني المشكلة من جانبهم قائلا أنه لماذا لأجل 8 رسوم كرتونية تحرق سفاراتنا وأعلامنا وتقاطع منتجاتنا وخوف مواطنونا في العالم. وأنا لا يمكن أن اعتذر عن رسوم لم أرسمها وهي تصرف غيري.
فبينوا له مكانة الرسول عند المسلمين وأن الأمر تعدى حرية التعبير إلى الإهانة والاستخفاف ولو أنهم اعتذروا لم تصل الأمور إلى ما وصلت إليه وأن الاعتذار طلب على سوء التصرف مع الإساءة.
واشتكى أحد الجمهور الحضور من الدنمركيين المسلمين في مداخلة أنهم لا يعاملوا بترحاب واحترام في الدنمرك لأنهم مسلمون فرد عليه العضو اليميني بأن الاحترام لا يعرض ولكن يؤخذ وعليه أن يعمل ويجتهد ليحصل على الاحترام ولا ينتظر المعونات كلاجئ فأجابه الشاب المسلم أنه دنمركي المولد وليس لاجئ ومع ذلك يفرق في معاملته.
عقب على ذلك الحبيب علي بالقول أنه لا نبغي التكبر، فالمسلمون الأوائل هنا لم يكونوا لاجئين بل كانوا عمالا احتاجت لهم الدنمرك وطلبتهم واللاجئين قدموا لوجود حكومة سابقة حسنة التعامل ولها مبادئ إنسانية عرضت عليهم اللجوء، واليوم في الدنمرك العديد من المسلمين من أصل دنمركي وطلب الحبيب من المسلمين الدنمركيين القيام ليشاهدهم عضو الحكومة اليميني ليبين لهم أن الإسلام أصبح جزء من الشعب الدنمركي ولم يعد دخيلا عليه أو لاجئا مؤقتا فقام سبعة من الجمهور.
وعلق أحد المسلمين الحاضرين بأن المطالبة حصلت لأئمة المسلمين في الدنمرك بالاعتذار عن قتل المخرج الهولندي مع أنهم لم يقتلوه فلماذا لا يطلب الاعتذار من الحكومة على رسومات نشرتها صحيفة الحزب الحاكم.
وقدم وفد من طلبة العلم والشباب من السويد للقاء الحبيب علي وحدد لهم موعد لهم في اليوم التالي وكان لقاء مؤثرا كما بشره الشباب بأنهم أسسوا جمعية جديدة لخدمة الدعوة في السويد. وأجرى لقاء مع صحيفة Q-News الانجليزية ومقابلة مع الإذاعة الدنمركية ثم ذهب الحبيب إلى مقر استديو العاصمة لعمل لقاء مباشر مع قناة أبوظبي في برنامج المدار كما أجرت العديد من القنوات العربية وقناة الدنمرك لقاءات مع الدعاة المشاركين على هامش الحدث كالجزيرة والعربية واللبنانية.
تم التواصل مع مختلف الجاليات منذ الوصول للمطار وكان منهم مرحب بفكرة الحوار ومنهم متحفظ. جرت لقاءات مع ممثلي الجالية البوسنية وجمعية منهاج القرآن الباكستانية وعدد من الجمعيات العربية في الدنمرك و جمعية MID.
وطلب منهم دعوة جمعيات المسلمين الأخرى يوم السبت للاجتماع معهم في فندق فونكس الساعة الثانية ظهرا في قاعة الاجتماعات الكبرى. حضر الاجتماع ممثلين عن أحد عشرة جمعية من مسلمي الدنمرك والحبيب علي الجفري والأستاذ عمرو خالد وشرحوا لهم سبب عدم وجود أحد منهم في الحوار أو المناظرة وأن ذلك حفاظا عليهم من الدخول في إحراج أن يكونوا في أي صف من الطرفين المتحاورين أو المتناظرين. وأظهر عدد من الجمعيات أنهم موافقين على مبدأ التحاور وأن من احتج لا يمثلهم. واتفق الحضور على أن يعقد اجتماع للجاليات بتاريخ 1/4 لجميع الجمعيات وعليهم إخبارهم بذلك.
حضر ما يقارب الثلاثون (رجال ونساء) من المسلمين السويديين إلى كوبنهاجن لمقابلة الحبيب علي الجفري، وقد التقى بهم في فندق فونكس حيث أقيمت جلسة إيمانية (روحه) عصر يوم السبت، وتتطرق الحبيب علي إلى النواحي الإيمانية في جانب حياة الإنسان في الغرب وواجبه تجاه مجتمعه وأمته.
كما استقبل الأخ عبدالله الذي يدير مشروع ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الدنمركية والذي تمت طباعة ترجمة معاني سور الفاتحة والبقرة وآل عمران منه ولا يزال المشروع يواصل طريقه.
زار الحبيب علي الجفري مركز جمعية منهاج القرآن الباكستانية فرع الدنمرك واطلع على أنشطة الجمعية المتنوعة وتجول في جميع أرجاء المركز ثم أجرى معه القسم الإعلامي في الجمعية مقابلة تلفزيونية ستبث في برنامجهم الأسبوعي على إحدى المحطات المحلية.
كما جرى أثناء العشاء الحديث عن مستقبل الإسلام في أوربا وأبعاد الأحداث الأخيرة في الدنمرك على المسلمين، والإشكالات المتشابهة التي يعاني منها المسلمون في أوربا.