شارك الحبيب علي الجفري في جلسات المؤتمر الإسلامي العالمي الذي انعقد 13-14 مارس 2010 في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة بعنوان “الصومال..صوت الحكمة والشرع“: جلب السلام إلى الصومال، بمبادرة من المركز العالمي للتجديد والترشيد الذي يرأسه العلامة المربي عبد الله بن بيه نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين وبحضور الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد والسيد أحمد ولد عبد الله نائب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وسعادة السفير عبد الله عالم ممثل الأمم المتحدة بالصومال ومعالى الدكتور عبد الله نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي والرئيس السوداني الأسبق المشير عبد الرحمن سوار الذهب.
ثمن الحبيب علي الجفري مبادرة المركز العالمي للتجديد والترشيد بعقد مؤتمر الصومال لأن الداعي إلى الاجتماع من كبار مراجع الأمة الإسلامية ورجل مظلة لكل الاجتهادات والاستباقات والتوجهات ويحظى بالثقل المرجعي لأمانته وورعه وعلمه وفقهه،فهي دعوة ممن أمرنا الله عز وجل بالرجوع إليهم في إشكالياتنا.
فقد أمرنا الله تعالى بالرجوع إلى أهل العلم لاسيما مع المنعطف الخطير في أزمة الصومال،والتي جعلت الدين مظلة لكثير من التصرفات الخاطئة والمحرمة شرعاً،بل وتهدد كافة مقاصد وكليات الشرع الخمس من النفس والعرض والنسل والعقل والمال،مع تناسي قواعدنا الإنسانية في شأن حرمة النفس وعصمة الحياة الإنسانية:”لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ“،وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل سبعاً اشتركوا في قتل فرد واحد وقال:” لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً“.
فضلاً عن ظهور بوادر الاهتمام و التجاوب من قبل عدد من الأطراف التي تمثل عمق المسألة الصومالية مع مبادرة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه،موجهاً فضيلته الدعوة لكل الأطراف ولوسائل الإعلام بعدم اللعب بالنار والنظر إلى المؤتمر على أنه فرصة جادة ووقفة صادقة مع حسن التبصر والتجرد عن حظوظ النفس والنظر في المآلات.
أشار الحبيب علي الجفري على هامش المؤتمر إلى أن الصومال يجتمع في دبي باستثناء القاعدة،وأن من لم يستطع الحضور بشكل شخصي لأسباب لوجيستية أرسلوا تأييدهم للمبادئ التي يطرحها المؤتمر،كرابطة علماء الصومال والحزب الإسلامي و جماعة أهل السنة والجماعة،وأن إعلان الرئيس الصومالي إلتزام إدارته بتطبيق الشريعة الإسلامية ينزع المبرر الذي وضعه الحزب الإسلامي والذي وضعته القاعدة بعدم تقبل وجوده في الحكم.
لذلك تكمن أهمية هذا اللقاء في نزع المشروعية الدينية عن القتل الذي يمارسه شباب المجاهدين ومن يمارس القتال من الأطراف الأخرى،لأنهم يقتتلون باسم الدين. وأشار فضيلته إلى أن اللقاء يضع حجر الأساس لنزع المشروعية الدينية عن فعل القتل في الصومال ويمكن البناء على هذا الحجر من قبل السياسيين والعسكريين لاستكمال المطلوب وإيقاف شلالات الدم في الصومال.
ذكر العلامة المربي عبد الله بن بيه رئيس المؤتمر والداعي إلى انعقاده الحضور ببيان العام الماضي الذي وقعه بمشاركة الدكتور عبد الله نصيف بهدف إزالة الشبهات التي يثيرها المعارضون لحكومة شيخ شريف والتي بنوا على أساس منها مواقفهم المعارضة،مؤكداً على عبثية الاحتراب داخل الصومال وأن الهدف من المؤتمر هو التأصيل من الناحية الشرعية لإشكاليات الحرب هناك ثم توصيل ذلك إلى الأطراف المتنازعة داخل الصومال لتغليب صوت العقل وتحكيم الشرع والانفتاح على المصالحة وطي صفحة الخلاف.
ذهب فضيلة العلامة إلى أن الحروب التي تشتعل في الأمة الإسلامية لا تعدو أن تكون غطاء لأزمة فكرية وروحية عميقة،أفقدت البعض عقولهم فتجاوزوا حدود شريعتهم وأنزلوا ببلادهم من الفساد والدمار ما يعجز الوصف عنه، فقتلوا أنفسهم بدعوى جهاد غابت شروطه ولم يستشر العلماء والحكماء في ضوابطه وابتعدوا عن مفهوم الرحمة التي بني عليها الإسلام بناء على فتاوى باطلة.
ومن ثم فعلينا أن نصحح مفهوم الجهاد ومفهوم الولاء والبراء ومفهوم الثورة والتمرد وترويع المجتمع وقطع السبيل، وعلينا أن نعيد ميزان العقل بالشرع وترجيح المصالح على المفاسد،لأن هذا الفكر المأزوم الذي يستنجد بمفردات دينية قد جر على الأمة كوارث الاقتتال الداخلي والاختلالات الأمنية الخطيرة التي كادت أن توصل الدول إلى حافة الانهيار والفشل وأصبحت مبرراً لتدخل القوى الكبرى والإقليمية التي تملك فائضاً من القوة والإرادة لا تجد حرجاً من إفراغه في مناطق أخرى.
ذلك ما دعانا اليوم إلى الاجتماع من جديد للتذاكر مع علماء الصومال وغيرهم حول الأوضاع هناك وبيان الحكم الشرعي فيها، ومناشدة إخواننا في هذا البلد ألا يجعلوا عليهم سبيلا، وأن يستجيبوا لنداء الشرع والحكمة، وأن الاستمرار في حرب عبثية لا نهاية لها لا يمكن أن يكون مرغوباً ولا مقبولاً.وأننا نود أن يعم السلام ولا نبالي ألا ينسب إلينا منه شيئ.
هذا ويهدف المؤتمر –بحسب المنظمين والداعيين إليه- إلى دفع الأطراف المتناحرة إلى الجلوس والحوار وتقريب وجهات النظر بين الفصائل الصومالية،مع إبراز الموقف الشرعي من عدة إشكاليات ذات علاقة بالقضية الصومالية،وكشف الغطاء الشرعي والديني عن المصرين على الاستمرار في استخدام السلاح وقتل الناس باسم الدين والشريعة بحسب بيان الإعلان عن المؤتمر.
ابتدأت جلسات المؤتمر في يومه الأول بكلمة ترحيب من سعادة الدكتور عبد الله نصيف رئيس مجلس أمناء مركز التجديد والترشيد تلتها كلمة شيخ شريف أحمد رئيس الصومال شكر فيها فخامته القائمين على المؤتمر وأثني على المبادرة الكريمة من السادة العلماء المراجع،مؤكداً على أن مشكلة الصومال في حقيقة أمرها مشكلة فكرية ومفاهيمية وتكمن في الحاجة إلى تحقيق الأمن والاستقرار والوحدة،وموجهاً النداء للعالم الإسلامي أجمع لوقفة جادة وصادقة في التعامل مع مشكلة الصومال التي استمرت لأكثر من عشرين عاماً وأن يكون هذا المؤتمر بادرة تجديد وإصلاح مباركة.
كما شدد فخامة رئيس الصومال على التزامه بتطبيق الشريعة الإسلامية في إدارة الصومال،وأنه مستعد للجلوس على طاولة واحدة تجمع كل الفرقاء المتنازعين في الصومال دون استثناء،مشيراً إلى أن الصومال قام بتقنين الأحكام الشرعية وتحويلها إلى دستور صوت عليه البرلمان بالإجماع ووقعه الرئيس.
استهل سعادة السفير عبد الله عالم كلمته بالإشارة إلى عمق المأساة الصومالية وملامسته الشخصية للأحداث هناك،ناقلاً استعداد منظمة المؤتمر الإسلامي التام لدعم مبادرة الصومال خالياً من السلاح وصومال تنطلق مآذنه بنداء الله أكبر والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني،مع إرسال تحذير أخير لكل الأطراف بأن العنف لن يفيد ولن يتوج بنجاح.
قال فضيلة الدكتور أحمد الحداد مفتي دبي إن موضوع الصومال مسألة دينية قبل أن تكون اجتماعية من حيث المفهوم الخاطئ للجهاد وأننا نحتاج إلى إيصال المعنى الصحيح للجهاد من حيث المفهوم والأسس والملابسات.
هذا وقد خصص المؤتمر أعمال الجلسة الثانية برئاسة الحبيب علي الجفري لبيان المسألة الشرعية،وتحدث فيها بالترتيب فضيلة الشيخ العلامة محمد المختار ولد إمبالة مستشار فخامة الرئيس الموريتاني،والشيخ نور بارود من جبهة علماء الصومال والشيخ عثمان محمد إبراهيم نائب رئيس علماء الصومال، والدكتور أحمد الحداد مفتي دبي، ومعالي الدكتور طاهر محمود جيلي وزير الإعلام الصومالي.
خصصت الجلسة الثالثة في اليوم الأول لموضوع الوضع في الصومال الأسباب والحلول(نظرتان داخلية وخارجية) شارك فيها من السادة العلماء الشيخ محمد الأمين أمبكة والشيخ محمد غريب الله والدكتور هاني عبد الشكور والدكتور نعمان بن عثمان فضلاً عن سعادة سفير الصومال لدى الإمارات العربية أحمد محمد عقال.
تأسس المركز العالمي للتجديد والترشيد عام 2007 بهدف المساهمة في علاج الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي،من خلال تبيان الأحكام الشرعية في بعض المفاهيم والممارسات الموجودة لدى بعض أطراف الأزمة،أو القيام بوساطات في إطارها.