حضر رئيس مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات الحبيب علي الجفري، فعاليات مهرجان برادفورد الأدبي، وألقى محاضرة خلال الندوة الحوارية التي اقيمت تحت عنوان “الثقة في الإنسانية”، بمشاركة الأسقف نيقولاس(نيك)، وذلك في إطار زيارته الدعوية في بريطانيا.
واستهل الحبيب علي الجفري حديثه خلال محاضرته التي ألقاها، حول العلاقة في فهم الإنسانية والدين، والتوصل على أنهما أمران متباينان ناتج عن مرض تسبب فيه أناس أساؤوا التصرف باسم الدين، وآخرون أرادوا وضع الإنسان في محل الإله فأفقدوا الإنسانية معناها، وتسببوا في إحداث الكثير من المشكلات في إدراك الفهم حتى وصلوا إلى ما بعرف بتأليه الإنسان، مؤكدا أن الإنسانية لا تتحقق بغير دين، والدين لا يتحقق تحققًا صحيحًا إلا إن صب في الوعاء السليم للانسانية.
وأضاف رئيس مؤسسة طابة، أن الإنسانية المؤلهة أفقدت الإنسان حقيقته، وجعلته كائنًا مؤذيًا لكل ما يحيط به، ملفتا إلى أنه كلما زاد اكتشاف هذا الإنسان للعالم من حوله، ازداد ضرره عليه .. فالإنسان المؤله فهم الحقيقة على أنها تجرد عن كل القيود واتباع جميع الرغبات، ناسيًا أن حقيقة الحرية التي هي قوام الإنسانية تكمن في أن يملك الإنسان رغباته لا أن تملكه رغباته. كما أن الدين إذا فقد هذا المعنى للحرية تحول إلى عصى لإذلال الناس والتحكم فيهم، مشيرا إلى ما يرى ويشاهد في الواقع المعاصر من أتباع الأديان سواء الإسلام أو المسيحية، أو اليهودية، أو الهندوسية، أو البوذية.
ونوه الجفري إلى أن الدين عبارة عن نافذة تنفتح للإنسان، تمده بقوة يواجه بها نفسه وأنانيته، ومن خلالها يستطيع أن يكون ربانيًا بدون أن يتخلى عن بشريته، فيكون قادرًا على مواجهة مشاكله اليومية دون أن تحجبه أنانيته عن التصرف بالعقل والحكمة المستفادة من الدين.
وأشار الحبيب علي إلى أهمية النظر في وجوه الصالحين كما في الحديث المخبر بأن أناس سيفتح الله بهم البلاد ببركة وجود من رأى من رأى من رأى رسول الله بين ظهرانيهم، ملفتا إلى أن الصحابة نالوا مرتبة الصحبة بنظرهم في وجه رسول الله.
وأوضح الجفري أن الأولياء هم أناس تجلى الله لهم باسمه السلام ففاض نور السلام من أرواحهم على أشباحهم، متطرقا إلى ما يتحدث العالم اليوم عن السلام يغفلون عن كون السلام إنما ينبع عن طمأنينة القلب
وسكون النفس وسلامة الصدر وارتقاء الروح، فهو أمر ينبع عن ذات الإنسان التي تنورت بنور القرب من الله تعالى، ملفتا إلى أنه من المؤسف في هذا الزمان عندما يذكر الأولياء يتبادر إلى الأذهان المعترك السخيف حول زيارة الأضرحة والتوسل بالأولياء، بدلًا من التنبه إلى ما هم الأولياء مؤكدا أنهم لا زالوا موجودون بيننا، الرجال منهم والنساء، وأن الطريق إلى العثور عليهم هو حسن الظن بالخلق.
وألمح الحبيب علي الجفري أنه لما دعي إلى هذه الفعالية لم يتردد في قبولها إذا أنها دعوة إنسان قضى خمسون عامًا من عمره يرحل في العالم يبحث عن وجوه تدل على الله، وهي مسألة تتجاوز كونها هوس فنان، بل هي محاولة لمراودة الكاميرا عن نفسها لتنقل لنا شيئًا ليس من شأنه أن ينتقل عبر الكاميرات.
وعلى هامش الزيارة، شارك الحبيب علي في فعالية إطلاق الكتاب الفوتوغرافي “لقاءات مع الجبال” للفوتوغرافي عبد العظيم ‘بيتر’ ساندرز، كما عقدت جملة من اللقاءات مع فريق أبحاث طابة في لندن بحضور فضيلة الشيخ محمد با شعيب.