من أرض مصر الكنانة وعلى مدى أكثر من ساعتين في برنامج “واحد من الناس “ناقش الحبيب علي زين العابدين الجفري سلسلة من قضايا الأمة وإشكالاتها في لقاء تابعته الملايين في مصر وخارجها يوم أمس الخميس 20 أغسطس مع تهنئة الحبيب الجفري للعالم الإسلامي بقدوم شهر رمضان المبارك أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.
في رده على سؤال الأستاذ عمرو الليثي عن الموقف من ظاهرة الدعاة الجدد نفى الحبيب علي وصفها بالظاهرة إذ لم تخلو الأمة ممن يدعو إلى الله تعالى في كل عصر وأنها تزايدت بفعل انتشار وسائط الإعلام كسمة للعصر الذي نعيشه وأن الحديث عن هؤلاء الدعاة كظاهرة فيه مغالطة من جانب آخر وهو التعامل معهم كفكر أو مؤسسة أو اتجاه واحد برغم التعدد والتنوع والاختلاف الذي قد يصل أحياناً إلى درجة التشتت بينهم ، مؤكداً في نفس الوقت على حسن صداقته وصلاته بالجميع.
وإجابة على السؤال حول مقومات الداعية أكد الحبيب على ضرورة التفرقة بين الدعوة العامة والتي هي مهمة كل مسلم تعلم القدر الواجب من العلم الشرعي وعلى قدم المتابعة للرسول عليه وآله الصلاة والسلام وبين الدعوة الخاصة التي تحتاج إلى التأهيل والاختصاص في مجالات من قبيل رد الشبهات والإعجاز القرآني والاقتصاد الإسلامي وغيرها من قضايا الأمة التي تتطلب ممن يتصدى لها ذلك القدر المتعين من العلم الشرعي والتخصصي الواجب وبشرط القدرة على أن يقول: لا أعلم فيما لا يعلمه منه.
وأما عن فوضى الفتاوى الفضائية فقد نفي الحبيب أن تكون الفتوى فكراً حتى يدخله غير أهل الاختصاص بدعوى حرية الفكر، وأن الأحكام الشرعية منها القطعي ومنها الظني وأن اجتهاد العلماء في الظني منها إنما هو من قبيل السعة والرحمة، إلا أن دخول الهواة وغير المختصين إلى مجال الإفتاء هو نوع من التلاعب والإجرام ، وأبدى دهشته من الاستهانة بالدين إلى درجة أن يرتضي الناس أن يأخذوا أمر دينهم عبر مكالمة هاتفية مع قناة فضائية، فالإفتاء على الفضائيات نوع من التلاعب بالدين لعدم معرفتنا بمؤهلات الشخص المسئول، فضلاً عن المسائل التي تتطلب الفتوى عبر الفضائيات تحتاج إلى نوع تفصيل يتجاوز في كل الأحوال وقت المكالمات الهاتفية ، متسائلاً في نهاية الأمر هل سمعنا ممن أفتونا عبر الفضائيات عبارة لا أعلم مرة واحدة ؟
أما التساؤل حول الصوفية وما إذا كانت هي المخرج من الواقع المتردي فقد أوضح الحبيب علي الجفري أن الحملات المؤسسية المدعومة مالياً وبتوجهات سياسية، مع سوء تركيز الإعلام على المظاهر والممارسات الفاسدة من أدعياء التصوف هي سبب تشويه الصورة الحقة عن التصوف أو الإحسان أو التزكية أو سمه ما شئت فلا مشاحة في الاصطلاح ، ومؤكداً على أن حصر الصوفية على مسألة التوسل فيها نوع من التجني على علم الإحسان الذي عرفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فضلاً عن تقزيم وتهميش قضايا أمة تتمزق وتتكالب عليها الأمم ويتفلت منها شبابها إلى التطرف والإرهاب ، وأن موقع التصوف من الإسلام اليوم أصبح شبيهاً لموقف الإسلام في العالم من حيث التشويه والحملات الظالمة .
وعن اتهام البعض له بالتشيع ناقش الحبيب تفاصيل الخبر الذي أذاعته وكالة فارس باعتناقه المذهب الإثنى عشري وأن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها بالتشيع لكنه اضطر إلى إصدار بيان رسمي على الموقع وعبر الصحافة لما لوكالة فارس من الصفة شبه الرسمية، ومؤكداً على أنه لا يجوز لأحد أن يكفر أحداً من أهل القبلة، لكنه سني المذهب بطبيعة التنشئة والتربية والقراءة وأن المذاهب السنية هي الأقرب إلى الصواب في نظره، وأننا نختلف عن الشيعة حتى في بعض المسائل العقيدية من قبيل الإمامة والخمس والتقية وغيرها، لكنه اختلاف لا يقود إلى تكفير وإنما إلى قناعة أنهم على غير صواب كما يعتقدون هم كذلك في أهل السنة.
ولهذا أوضح الحبيب الجفري موقفه من رفض التبشير الداخلي بين المذاهب، وأنها جريمة لها عواقبها وأننا ضد أي عمل منهجي مدعوم خاضع لتوجهات سياسية يمارس التبشير سواء داخل مناطق السنة أو داخل مناطق الشيعة، وموجهاً رسالة شديدة التركيز والحزم إلى إخواننا من الشيعة: العالم يتواطأ عليكم الآن، فلا تفقدوا دعم إخوانكم من السنة واحترموا خصوصيات أهل السنة.
وعن الأزهر الشريف قال الحبيب علي الجفري إن أهل مصر سنيو المذاهب ويعشقون آل البيت دون تشيع في توازن عجيب لا تفلح معه أية محاولات لدفعهم عن هذا المنهج الوسطي السمح ، وأن الأمر يحتاج إلى إعادة البناء بمنهج الأزهر مستنكراً في ذات الوقت الحملات التي تسعي إلى تشويه صورة الأزهر الشريف ومتسائلاً إذا لم يكن علماء الأزهر هم علماء أهل السنة والجماعة فمن همو ؟ وأن التيارات والمدارس التي تأخذ على عاتقها مهاجمة الأزهر قد تتلمذت على أيدي علمائه وفي رحابه و جنباته، وأن أي إضعاف لمؤسسة دينية أصيلة إنما يقودنا إلى التطرف.
مثلما تطرق الحديث إلى جوانب بناء شخصية الحبيب علي الجفري الداعية وأن أول من وجهته إلى طريق الدعوة إمراة هي عمته الحبابة ثم شيخه ومعلمه الحبيب عبد القادر السقاف والحبيب عمر بن حفيظ وأنه حصل على إجازة بالسند المتصل من أكثر من ثلاثمائة من العلماء الذين كان يرى في مسلكهم شمائل النبي صلى الله عليه وسلم مثلما دلوه على كثير من علماء السند المتصل فأشعروه بأهمية التنوع والاختلاف، وأنهم كلما ازدادوا اختلافاً ازدادوا محبة لبعضهم البعض، مؤكداً على القاعدة التي تعلمها عنهم وهي:من اتسع علمه قل إنكاره على المخالف.
هذا وقد نوهت قناة دريم الثانية إلى برنامج شرح البخاري : سلسلة من مجالس البخاري يستكمل بها الحبيب علي الجفري شرح كتب الصوم والتراويح وفضل ليلة القدر من الجامع الصحيح بالسند المتصل إلى إمام المحدثين محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله طوال شهر رمضان على شاشاتها في الساعة السادسة عصراً بتوقيت مكة المكرمة على أن يعاد في الثانية عشرة ليلاً.
شاهد اللقاء