لدينا تقصير كبير فى التعامل الناضج مع ظاهرة الإلحاد
كلنا مرضى نفسيون فى ظل ما نعيشه من واقع
الضجة التي تحدث كل عام حول تهنئة الإخوة من الأديان الأخرى بأعيادهم “تهريج”
التجديد في الشريعة فرض كفاية
توظيف الخطاب الديني سياسيًا لعب بالنار يحرق من يقترب منه
التجديد ليس “طبخة” يجهزها الأزهر ويخرجها
تحولنا إلى أمة مستهلكة فكريًا بعد أن كنا أمة منتجة فكريًا
بعض ما حدث خلال الثلاثين عاما الماضية باسم الإعجاز العلمي في القرآن “إسفاف”
النقاب ليس بفرض ولكنه ليس تخلفًا أيضًا
لا نساوي بين خلع الحجاب والكبائر كالزنا، ومن خلعت حجابها آثمة، ولكن لا ينبغي أن ننصب لها المشانق، فالله سبحانه وتعالى هو من يحاسبها لأنها علاقة بينها وبين الله
لا أؤمن بالتقارب مع الشيعة بل بالتعايش، ونرفض سب الصحابة، وقذف السيدة عائشة كفر
عن زواج معز مسعود “اشمأززت” من الحملة التي حدثت، فالرجل تزوج وأنتم مالكم؟ هذي حياته!
ظهرت مؤخرا موجات من الإلحاد .. البعض يرى أنها موجات غربية تهدف إلى زعزعة استقرار العالم الإسلامي.. بينما يرى البعض أنها قلة وازع ديني، وإن كان ذلك صحيحا فهل هناك مسئولية على رجال الدين؟
لست من النوع الذى يحب التركيز على المؤامرات الخارجية، رغم أنني أؤمن بوجودها، فقضية المؤامرات الخارجية ليست من مهمتي بل من مهمة الأجهزة المعنية المسئولة عن مواجهة هذا النوع من الخطر، وما يعنيني هو الإنسان الذى يتأثر بهذه التساؤلات أو التشكك أو الإلحاد، فهو قد عبر عن قناعة منافية للإيمان والاعتقاد الصحيح، ومنافية لكل ما هو موجود ومتوارث بالمجتمع، والسؤال: هل ينطق عن قناعة؟ وهل كانت لديه أسئلة لم يجد من يحسن الإجابة عنها؟ وهل ما يطرحه نابع عن قراءة مستوعبة واعية لأسئلة ومباحث فلسفية استجدت ولم نحاول في بيت الخطاب الشرعي تناولها على النحو المقنع؟
أم إنه يوجد إلى جانب هؤلاء من يعيش حالة نفسية من ردة الفعل في ظل البشاعة والتطرف الذي ظهر باسم الدين قولا وفعلًا؟
ومع تخلف مجتمعنا عن التقدم التقني الذي يشهده العالم: هل وُجد من يظن أن ما حدث فى أوروبا لن يحدث فى مجتمعنا ولن نتقدم إلا حينما يغادر الدين الحياة؟
وبالتالي هناك نوعان من الإشكاليات:
الأول: قائم على أسئلة فلسفية حقيقية يجب أن تحترم ويشعر الشباب باحترام وصدق فى تناولها، وإن كنا مقتنعين بحجة ما لدينا فلنتناول الأمر ونناقشه، والثاني: ربما يكون ردة فعل نفسية، ولا أتكلم هنا عن المرض النفسي، فكلنا مرضى نفسيون فى ظل ما نعيشه من واقع، حتى لا يظن أحد أنني أتهمهم بالمرض.
وهناك نوع ثالث يعيش حالة الضعف أمام رغبات نفسه، ويريد أن يتخلص من عقدة الشعور بالذنب وينطلق في التحلل غير الأخلاقي، وإيمانه يجعله يشعر بالذنب، ومع ثقل تراكم الشعور بالذنب أراد التخلص من كل هذا من خلال الإلحاد ونفى وجود الله.
ولا أقول: إن الملحدين كلهم من نوع واحد، لكن هذا التصنيف نابع من تجربة مع عدد من الشباب اللذين ألحدوا من مختلف دول المنطقة.
كما أنه من المهم إدراك الفرق بين الشخص الذي له قناعته: مسلمًا كان أو مسيحيًا أو بوذيًا أو ملحدًا، وحقه علينا أن نناقشه بالحجة المقنعة والرهان العقلي إن قبل ذلك، ونوع آخر اتخذ هذه المسألة منهجية “دعوية” تنظيمية، فيدعو لنشر الإلحاد ويصادم المجتمع بدعوته هذه، ويتطاول على الثوابت الحقيقية، ويسخر من المقدسات، ويجاهر بذلك، ويرجف بهذا فى المجتمع، ويحدث فتنة، وبالتالي فالمسألة هنا تحولت إلى إخلال بالأمن القومي، وصارت هناك نزاعات متعمدة، وفيها شيء من المصادرة لحق المؤمنين في السلام المجتمعي، وهذا الفعل فيه تناقض مع ما يدّعونه من احترام عقول الناس وحق حرية الرأي والاختيار، مع ما فيه من التحريض على الكراهية، فهم يتحدثون عن هذه المبادئ، ثم يرون أن عليهم أن يقوموا بسب المقدسات وإهانتها لإحداث صدمة نفسية للمؤمن، هذه الصدمة تزيل القداسة عن تفكيره ليتحرر من أغلال الدين فيتقبل النقد!
وبالتالي هم يصادرون على عقول الناس، وكأنهم يعتبرون المؤمنين قُصّرًا يحتاجون إلى إجبارهم على سماع ما يكرهون كي ينضجوا!
والعلاج بالصدمة فيما يتعلق بالتطاول على المقدسات رؤية فلسفية، ولها جماعات تتبناها وتعمل على تنفيذها من خلال إكراه الناس على رؤية ما يهين مقدساتهم وسماع ذلك تحت مبرر حرية التعبير، كما حدث في الرسومات المسيئة في الدنمارك وكذلك فرنسا،وهذا أمر مرفوض، ولا بد من تدخل القانون فيما يحرض على الكراهية ويتطاول على المقدسات.
الذي يعنينا أصالة هو التعامل مع النمط الذي عنده أسئلة فلسفية أو لديه ردة فعل نفسية، ولدينا تقصير كبير في معالجة الأمر وينبغي أن نتجاوزه، وهناك في البيت الشرعي والمؤسسات الدينية العامة والخاصة جهود كبيرة مبذولة من قبل الأزهر الشريف وغيره لكن المطلوب أكثر من ذلك بكثير.
عطفاً على ما ذكرت من أن الخطاب الشرعي فيه مشكلة، وكان الدكتور نصر حامد أبو زيد قال: إن النسخة المقدمة من الخطاب الشرعي ليست صالحة لكل زمان ومكان، كيف ترى ذلك؟
رحم الله الدكتور نصر حامد أبو زيد، فقوله: “إن النسخة المقدمة من الخطاب الإسلامي ليست صالحة لكل زمان ومكان” عبارة مبهمة، وتحرير المصطلحات أحد تحديات العصر، فهي تعاني من الإشكالات الثلاثة: التعويم والتعتيم والتعميم، فإن كان المقصود بقوله: “النسخة المقدمة من الخطاب الشرعي” هو المنهجية المعتمدة في الاستنباط من النص.. فكلامه غير صحيح، وإن كان المقصود هو آلية تفعيل المنهجية ومخرجاتها في المسائل المبنية على علل متغيرة أو المسائل المستجدة فكلامه صحيح.
هل يمكنك ضرب مثال على المسائل ذات العلل المتغيرة؟
مثلًا الضجة التي تحدث كل عام حول تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم، وما نسمعه من تهريج وتجريح ونزاع غير مبرر، إن العلماء والفقهاء الذين حرموا تهنئتهم في أعيادهم منذ قرون بنوها على حجة صحيحة بالنسبة لزمانهم فقد عللوا بالعرف السائد، فالثقافة السائدة والعرف الحاكم في زمانهم هو اعتبار التهنئة إقراراً على موضوع التهنئة وهي هنا متصلة بالعقيدة، لذلك لم يكن المسجد يهنئ الكنيسة، ولم تكن الكنيسة تهنئ المسجد، ولكنها علة -أي سبب- متغيرة، فلم يعد في العرف السائد يُنظر إلى التهنئة على أنها إقرار بالمعتقد، بل هي نوع من البر وحسن الجوار؛ فالكنيسة تهنئ المسجد دون أن تُقر بالمعتقد الخاص به، وكذلك المسجد يفعل مع الكنيسة، فمفهوم التهنئة ودلالتها متغيرة من عصر إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، وعليه فينبغي عدم التردد في إعادة النظر في الفتوى المترتبة على العلل، وإن تباطؤ المؤهلين عن إنجاز مهمة التوعية بذلك أتاح المجال لغير المؤهلين لاقتحام الأمر وإحداث فوضى الفتوى.
ولفت إلى أن معطيات العصر اليوم ليست من السهولة التي تفهم بها، ونحن بحاجة في بيت الخطاب الشرعي إلى جهد حقيقي وأكثر جدية لفهمها، وأن الفتوى ليست الإخبار بالحكم الشرعي مجردًا، بل هي عملية معقدة تقوم على معرفة الحكم الشرعي بعد فهم الواقع؛ ثم تنزيل الحكم الشرعي على الواقع،.
هل تجديد الخطاب الدينى دعوة سياسية أم ضرورة دينية؟
مضيفًا أن التجديد في الشريعة فرض كفاية، وكلمة “مقتضى سياسي” ليست دائمًا سيئة؛ فالتجديد مطلب سياسي محترم شريف يتعلق بمسؤولية الحفاظ على البلاد والعباد، والشيء الذي يعيب المطلب السياسي فقط هو عندما يكون بمعنى توظيف الخطاب الديني في لعبة التوازنات السياسية، فهذا لعب بالنار يحرق من يقترب منه؛ التجديد مطلب شرعي، ونعمل على الإسهام في رؤية متبصرة له منذ 12 سنة في مؤسسة طابة في أبوظبي ومصر، وتوصلنا إلى أن التجديد إما أن يكون متعلقاً بالمنهج أو بالوسائل؛ وفي المنهج نحتاج إلى تجديد من نوع الصناعة الفكرية الثقيلة، وهي تجديد النموذج المعرفي الذي تعطل تجديده منذ ما يقرب من 4 قرون؛ فتحولنا إلى أمة مستهلكة فكريًا، بعد أن كنا أمة منتجة فكريًا، قائلًا: إنه يوجد عدة مباحث ينبغي العمل على تجديدها، مثل: تجديد وسائل إثبات حُجية مصادر المعرفة، ومنظومة القيم والمبادئ الأخلاقية، وترتيب العلوم وغيرها، لافتًا إلى أن كل محاولات التجديد ستذهب أدراج الرياح، أو ستكون بمثابة الترقيع الذي نحن نستمر فيه من فترة لأخرى ، إذا لم يشمل عقل الإنسان وطريقة نظره إلى الكون والأمور الإلهية، وإن هناك استحداثاً لأسئلة الفلسفية لها اشتباك مع العقيدة، وذلك يتطلب تجديدًا في مباحث الاستدلال العقلي، كما أن هناك مستوى آخر من التجديد يتصل بالمسائل الفقهية المستجدة، ومستوى ثالث يتعلق بإطفاء حرائق التطرفين الديني واللاديني، و ذكر أن الأزهر الشريف والإفتاء والأوقاف تقوم بدورها تجاه محاربة الإرهاب، ولكن هذا جزء من المطلوب، فالإعلام له دور في ذلك وكذلك التعليم والثقافة وباقي المؤسسات، فيجب أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات لإيصال نتاج جهد المؤسسة الدينية إلى الشباب.
ما الشروط التى يجب توافروها فى المجدد؟
أي أنواع التجديد تقصد؟
المسائل الفقهية
التجديد في المسائل الفقهية يحتاج إلى اجتهاد، وله شروط شرعية، وهناك معايير هي التي تحدد التخصص والكفاءة فيما يتعلق بأصول الفقه واللغة وتخريج الفروع على الأصول، وهناك شرط المَلَكة الفقهية أو العقلية الفقهية الناضجة الناتجة عن تراكم تجربة واكتمال معارف، مع قدر من معرفة الواقع يمكّن المجتهد من التواصل مع أصحاب الاختصاص المطلوب في معرفة الواقع، أما مسألة النتاج الذي يترتب على العملية التجديدية فهو جهد بشري قابل للخطأ أو الصواب، ويقوّم المختصون مدى مناسبة هذا النتاج للواقع ومنهجية الشرع في الحكم عليه.
وعملية التجديد عملية مستمرة وتراكمية وتحتاج إلى جهد واستمرارية، وهي عملية لا تتوقف حتى يرث الله الأرض؛ فهو ليست “طبخة” يجهزها الأزهر الشريف ويخرجها للناس، الكلام ينبغي أن يكون أكثر نضجًا، مستكملًا: “بعض القضايا العامة لا يجوز شرعًا للعالم مهما بلغ من علمه أن يفتي فيها قبل أن يفهم الواقع، ولا يستطيع العالم أن يفهم الواقع وحده، بل يحتاج إلى مختصين.”
ما رأيك فيما يسمى بأسلمة العلوم؟
أسلمة العلوم محاولة حدثت في القرن الماضي، وهي محاولة تشتمل على إيجابيات وسلبيات، والذي يؤخذ على هذه المحاولة أنها ارتكبت خطأ عندما لم تبدأ بالنموذج المعرفي وقفزت مباشرة إلى الواقع، مما أنتج نماذج مشوهة، فما سمي بالإدارة الإسلامية على سبيل المثال انتشر الاهتمام بها، وقام البعض بعمل دورات ومؤتمرات عن الإدارة الإسلامية، ولكن ما قدم فيها لم يكن نتاجًا لرؤية نابعة عن نموذجنا المعرفي، بقدر ما كانت إعادة إنتاج للإدارة الرأسمالية المتوحشة مرتدية جلبابًا إسلاميًا مرصعًا بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والأقوال المأثورة.
هل الإعجاز العلمي في القرآن علم؟ خاصة وأن البعض تمادى في الحديث حوله ؟
الإعجاز العلمي في القرآن.. أولا: القرآن الكريم هو كتاب يوجهنا لمنهجية ربانية اشتملت على الأخذ بأسباب العلم والتدبر وليس كتابًا لنتائج العلم التجريبي، ولكن القرآن به ملامح إعجاز علمي ولغوي وذوقي وأخلاقي ومختلف أنواع الإعجاز، وقد أودع الله فيه نظرة واعية للكون، والخروج من ضيق الدنيا إلى سعة ما عند الله في الآخرة، ولكن ما حدث خلال الثلاثين عاماً الماضية باسم الإعجاز العلمي في القرآن فيه ما كان حقيقيًا، وفيه الكثير من “الإسفاف” ومحاولات للي دلالات الآيات القرآنية، فهذا وإن حصل بحسن نية إلا أنه مرفوض، وتترتب عليه نتائج وخيمة، وهي تجربة قاسية وينبغي التعلم منها، متابعًا: “لا أنفي وجود ملامح من الإعجاز العلمي في القرآن، شاب هذا الأمر تهور في التعامل معه، المشكلة في منهجية التعامل مع هذا الأمر، فوجد التهور في تطبيق ذلك على الواقع العلمي.”
مؤخرا حدث أنه تم أخذ قرنية أحد المتوفين دون وصية، الإشكالية: ما الحكم الشرعي؟
دار الإفتاء المصرية أجازت نقل الأعضاء من الميت أو التبرع من الحي وفق ضوابط شرعية، ولكن القصة هنا هي قصة سرقة ونهب وجريمة إنسانية محرمة يجرمها القانون، فكيف تحولت القضية في الإعلام من قضية إجرام إلى “عركة مع المشايخ”، نحتاج إلى المزيد من النضج في تغطية الأخبار، كما أننا بحاجة إلى جدية أكثر على جميع الاتجاهات، الحكاية ليست سبقاً صحفياً، فهذا شيء جاد؛ لأنه سرقة عضو إنسان، والكلام هنا مع القانون وليس مع الشيخ “السوبرمان”الذي يجيب عن كل شيء.
ما حكم النقاب؟
جمهور أهل السنة والجماعة بينوا أنه ليس بفرض، فهو حرية شخصية، على سبيل المثال واحدة من البنات منتقبة وواحدة ليست منتقبة، ولا أستطيع أن أقول لهما شيئاً؛ ولكن الإشكالية في التطرفين اللذين يحاول أحدهما فرض المذهب القائل بوجوب النقاب على الجميع، ويتفاعل الآخر بالسخرية من المنتقبة وتحقيرها، ولا يوجد احترام لدى من يقول عن المرأة المنتقبة: “خيمة!”،هذا التطاول فيه تخلّف، وهو يناقض ما يدعيه هؤلاء من الدعوة إلى حرية المرأة واحترام حقوقها، أود أن أرى المرأة التي اختارت أن تنتقب تسير وهي محترمة وعزيزة في مجتمعها، والمرأة التي اختارت ألا تنتقب تسير محترمة وعزيزة في مجتمعها، والمرأة التي لم تتحجب تسير محترمة وعزيزة في مجتمعها، رغم أنها خالفت الشريعة وارتكبت حرامًا ولكنها ليست كالكبائر العظيمة، ولا يُبرر التحرش بنوع الملابس.
انتشر مؤخراً ظاهرة خلع الحجاب، البعض يقول: إن خلع الحجاب يتبعه سفور مبالغ فيه، بينما البعض يتباهى بخلع الحجاب ؟
الكلام عن توصيف من خلعت الحجاب بأن غالبهن يتجه إلى السفور المبالغ فيه يفتقر إلى سبر وإحصاء ، كما يجب أن نفرق بين الحكم الشرعي وبين الحكم على الإنسان، فنحن لسنا أربابًا في الأرض نحكم على البشر ، فمن ثبتت على غطاء رأسها واحتشامها بارك الله فيها لالتزامها أمر الله في ذلك، ومن لم تثبت فقد عصت الله تعالى في ذلك، ولكن لا ينبغي أن ننصب لها المشانق، وحالة الوعي التي تلتزم فيها المرأة بتغطية رأسها ومدى قناعتها بذلك لها أثر على استمرارها في الحجاب أو خلعه، وهذا لا يبرر خلع الحجاب، فالله سبحانه وتعالى سيحاسبها على ذلك لأنها أخطأت، ولا ينبغي التسوية بين خلع الحجاب والكبائر الشنيعة كالزنا، وعلينا أن ننصحها بطريقة حسنة مهما قبلت النصيحة، ولولا تقصيرنا في التربية منذ الصغر لم نتعرض لذلك، وأما التباهي بخلع الحجاب فهو، إن وُجد، خطر عظيم لأنه تجاوز للمعصية إلى التباهي بمخالفة أمر الله، وفي ذلك سوء أدب مع الله تعالى.
كيف نعالج مشكلة الغفلة فى الصلاة ؟
نحتاج إلى تغير النظرة إلى الصلاة من كونها حملاً ثقيلاً على الظهر لتجنب الدخول إلى النار فحسب، إلى تذوق أنها موعد لقاء مع الحبيب، ومحاولة الحضور مع الله في الوضوء، وعدم الحديث مع الآخرين خلال الوضوء، وأن يذكر الله ولو لفترة قليلة قبل الإقامة، وجمع كل ما يستطيع الإنسان من حضور لحظة التكبير والإحرام، وأن يستشعر أنه في جهاد في سبيل الله ما دام يجاهد نفسه.
الخلاف المذهبي الذي تشهده المنطقة بين السنة والشيعة، ما رأيك في قضية التقارب؟
أؤمن بالتعايش القائم على الاحترام والأخوة الإنسانية والإسلامية، ولكل منا مذهبه وطريقته، والجدل في تفاصيل الخلافات الطائفية يجب ألا يكون في الإعلام بل في أروقة العلم، ولا يُقبل التطاول على سادتنا الصحابة، ولا على سادتنا آل البيت، واحترام الصحابة وآل البيت لا يعني القول بعصمتهم رضي الله عنهم أجمعين، ولكن نرفض سبهم، وقذف السيدة عائشة كفر، لأن من يقذفها يكذب القرآن الذي برأها، وللإنصاف فإن المراجع الشيعية الرسمية المعاصرة ترفض ذلك، إلا بعض متطرفيهم يؤججون هذه الفتنة، وأما ما يحدث الآن من الاحتراب الطائفي فهو صراع سياسي، كما أن الأنظمة السياسية والتنظيمات والجماعات تستثمر التدين في الصراعات، مشددًا على أن القضية ليست في التدين، فالصراعات والحروب كانت موجودة بعيدًا عن الدين، وأشد الحروب دموية وهتكًا لحقوق الإنسان قامت بها أنظمة علمانية كالحربين العالميتين، مستكملاً: نرفض عملية التبشير الشيعي المسيس، ونرفض قضية العمل التكفيري الطائفي المسيس، لأن المذهب هو اختيار فكري مكفول للإنسان ما لم يكن في سياق التمدد السياسي المؤدي للفتنة، فالمعركة ليست معركة طائفية، بل هي سياسية أُلبست ثوب الطائفية، فالخلافات الدينية ليست الأصل في الصراعات، بل الحراك السياسي المُستغل لها.
ما قولك في بعض السلوكيات الخاطئة من البعض كخروج صوت من الفم والأنف كنوع من الاعتراض ؟
على الإنسان السوي أن يتجنب السلوكيات المشينة عرفا بالنسبة للمكان الموجود فيه.
ماذا عن حملات التشويه التي تتم عبر المقاطع المجتزأة؟حيث كثيرا ما يتم تجزئة فيديوهات من محاضرات لك، ويتم التدليس عليك كيف تتعامل معها؟
أسأل الله لهم ولي الهداية فهذه خيانة، والإنسان يخون نفسه وتدينه عندما يجتزئ الكلام أو يخرجه عن سياقه أو يطلق الشائعات، وهذا يدل على ضعف الحجة وفقد القدرة على الإقناع، مما يجعل العاجز يلجأ إلى مثل هذا السلوك.
اختلف معي ولكن كن شجاعا شريفًا في خلافك وقابل الحُجة بالحجة، أما أن تنشر إشاعات فهذا يدل على ضعف الحجة، وبالتالي يتجه لما يسمى بالاغتيال المعنوي، ومن يشارك في نشر أخبار دون تأكد من صحتها يكون شريكًا في إثمها إذا كانت كاذبة، فينبغي التأكد أولًا من الأخبار قبل نشرها أو مشاركتها.
مؤخراً حدث جدل حول معز مسعود بعد زواجه من فنانة .. فهل الداعية يجب أن يكون قدوة؟
مثل هذا الجدل وهذه الحملات تدعو إلى الاشمئزاز، لأنها تقتحم خصوصيات الناس، واستباحة هتك خصوصيات الشخصيات العامة على اعتبار أن ذلك حق لمتابعيهم سلوك فاسد نتج عن ثقافة فاسدة تم استيرادها وقبولها وكأنها من المسلمات دون نظر في مناسبتها للقيم والأخلاق العامة، الرجل تزوج وهذا اختيار الزوجين وهو خاص بهما، وأنتم مالكم؟! ذي حياته وإنسانيته، هو إحنا فاضيين لهذه الدرجة؟! هذه “خيابة” في الصحافة والإعلام، سلوك بعض الصحفيين أو المؤسسات الإعلامية التي تبني اسمها من خلال هذا الاقتحام للخصوصيات يدل على عجزهم عن العمل الإعلامي الاحترافي البنّاء، نحن في حالة حرب وجود، ومرحلة إعادة بناء أمة، ونحتاج أن نشعر بقيمة المسئولية تجاه ما نعايشه، وما نمر به، والإعلام كغيره من المؤسسات التي تؤثر على العقول والنفسيات ينتظر منها التركيز على ذلك، وفي النهاية المسألة مسألة مهنية وضمير.