إن الدفاع عن الفن واجب ديني نحن بصدد السعي في أدائه، لهذا أستبعد أن يكون مثل هذا الأمر سبباً فيما سألت عنه، ولا تسألني عن السبب الحقيقي لأنه لم يُبَيّن لي بعد، لكنني أعتقد بسبب في داخلي وهو أن الله عز وجل أراد تبينه للإخلاص في العمل لخدمة الدين، فكان هذا الأمر بمثابة التذكير بتصحيح النية مع الله عز وجل.
أعني أن الفن شيء راق، المنتظر منه تهذيب النفوس ورفع مستوى الذوق في عموم الأمة، والإسهام في إخراج الأمة من حالة اللاوعي التي انتشرت بين شرائح مجتمعاتها كافة.
أرى هذا الاتهام إهانة للفنانين والفنانات المصريين، ينبغي الاعتذار إليهم من قبل من أطلقوه.. لأن معنى هذا الكلام أن الفنانين المصريين والفنانات عندهم قابلية الاستجابة لإغراءات العمالة، ومن كانت هذه حاله فكيف يعتبر فناناً، وأنا أربأ بالوسط الفني في مصر عن مثل هذا التهمة.
أولاً هذه ليست بفتوى، ثانياً هذا الكلام نقلته عن شيخنا محمد متولي الشعراوي –رحمة الله عليه- ونسبت الكلام إليه، ثالثاً تبيين الحق واجب لا ينبغي أن نقف فيه مع رضى من يرضى وسخط من سخط، وأيضاً نحن بحاجة إلى أن يسمع الناس خطاب ديننا الحقيقي بسماحته وسعته وقدرته على توظيف ما أودع الله في نفوس البشرية من خصائص وقدرات متنوعة للإسهام في نفع العباد.
سئلت مراراً عن ذلك فكانت الإجابة هي أن لقب الحبيب مثل الشيخ أو السيد عندنا في حضرموت باليمن، وهو لقب يطلق على من اشتغل بالعلم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى كل حال أحببت أن تناديني يا أخ علي، يا شيخ علي، يا حبيب علي، فالمهم ألا ينادي بعضنا البعض يا بغيض أو ما شابه.
نعم هناك سر وراء ذلك، وهو قوله تعالى “إن الله يرزق من يشاء بغير حساب”، وأحسب أن الأمة آن لها أن تخرج من حالة الغوغائية في كيل التهم، فالموظف في شركة ذات ثقل لا يسأل “من أي تأتي بتكاليف تنقلاتك”، فكيف بمن يعمل في خدمة دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي جعل الله عز وجل رصيدها خزائن السماوات والأرض.
أرجو أن أتلقى مقابلاً كبيراً ممن أدعو إليه سبحانه وتعالى، فهل هناك مقابل أعظم من المقابل الذي نرجوه جميعاً وهو رضوان الحق جلا جلاله “ورضوان من الله أكبر”.
أنا لا أرضى بالربط بين الخروج من مصر والاختلاف في وجهة نظر مع من اشتهر بأنه في مجال من مجالات خدمة الدعوة، وإنما كان الاختلاف في وجهة نظر متعلقة بما فهمناه عن مشايخنا وعن علماء الأزهر الشريف بل وعن علماء الإسلام من سعة هذا الدين وعظمة استيعابه لأصناف البشر، وتضمّنه حقيقة الرحمة للعباد.
لا لم ألتق به بعد اللقاء الوحيد الذي جمع بيننا.
اختلفت معه في أنني لا أقره على رمي كثير من المسلمين بالشرك، وتكفير الناس بسبب أمور جرى الاختلاف فيها بين العلماء.. فالاختلاف بينه وبيني، بل بينه وبين جمهور العلماء في توصيف الاختلاف، في مسائل الحلال والحرام، لا ينبغي أن يطلق عليها أو تنزل بمنزلة العقيدة.
سيدي الوالد جزاه الله خيراً له الفضل علي في احترام كثير من القيم والأخلاق والمبادئ، فنحن أسرة اشتغلت بالعلم والدعوة قبل أن تشتغل بالسياسة، وبفضل الله عز وجل يوجد في سلسة النسب أكثر من 20 عالماً داعياً إلى الله، وهذا لا يدعو إلى الفخر بقدر ما يشعر بثقل المسؤولية والأمانة، وأما اشتغال بعض أفرد الأسرة بالسياسة فكما ذكرت هو أمر حدث في الخمسين سنة الأخيرة، وكان ابتداء ذلك في مقاومة الاحتلال الإنجليزي لجنوب اليمن سابقاً.. وأثر ذلك علي أن من الدروس التي تعلمتها من ذلك أن العمل الدعوي أكثر نفعاً للأمة من العمل السياسي، وأن الصادق الثابت على المبادئ في العمل السياسي اليوم لا يكاد يجد له مجالاً، وليس معنى هذا عزل الدين عن السياسة وإنما التركيز على الخطاب الدعوي التربوي الذي من الممكن أن يكون له الأثر الأكبر في تقويم مسار العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبقية التخصّصات الأخرى. وفيما يخص أن الوالد كان سياسياً معارضاً وإن كان هناك ثمة انتفاع بذلك فهو ترسيخ مبدأ عدم الانصياع للسائد إن كان خطأ.
الحمد لله- في اليمن المجال متسع، فهناك المساجد والجامعات والمؤتمرات والمدارس مفتوحة، ولا أجد أي مضايقة في المشاركة في أي منها، بل أجد كل الترحيب من دولتنا.. على أن الأمر في بدايته كان فيه شيء من الالتباس أدى إلى الاحتجاز سبعة أيام في سجن الأمن السياسي أعقبها تفهّم من قبل رئيس الجمهورية ورجال الدولة للفرق بين مجال الدعوة الذي أتشرّف بخدمته، وبين عالمَ رجال السياسة الذي يعمل فيه والدي.
لا شك أنها أحداث أليمة، تلك التي يمر بها البلد المؤمن الكويت وبلاد الحرمين الشريفين وعدد من بلدان العالم الإسلامي.. وهي من الداء الذي تفشّى في الأمة، ويجب معالجته لاستئصال الأعضاء غير القابلة للمعالجة ممن يحملون السلاح فيريقون الدماء ولا يقبلون حواراً أو نقاشاً، كما أن التطرّف أو التنطّع و التخريب السلوكي هو نتيجة للتنطّع والتخريب الفكري، فينبغي إعادة النظر فيما يُطرح على الشباب والذي أدّى إلى مثل هذه الكوارث، وعلى صعيد السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام فهناك تغييرات ينبغي العمل الجاد عليها، لأنها من العوامل المسبّبة لمثل هذه الانحرافات.
أولاً أنا لا أفهم مصطلح الدعاة الجدد، وبالتالي لا أفهم نسبتي إليهم.. ثانياً دور الدعاة الذين يسعون نحو تجديد الدين الذي أخبر عنه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم دور مهم من حيث أنه يسعى على معالجة الأصل وهو الانحراف والتطرّف الفكري الذي تسبّب في مثل هذه الأحداث. أما الشباب المُغرَّر بهم فأقول لهم: اسأل الله عز وجل أن يلهمكم الصدق في مراجعة أنفسكم والإصغاء إلى أهل العلم والتذكير بمعالجة أوضاع أمتكم من خلال انتهاضكم نحو خدمة هذا الدين عوضاً عن السعي في التخريب وإعطاء الذرائع لأعداء المسلمين. وأذكّركم بالحوار الوارد في قوله تعالى “وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين”، وما ترون أنكم تحملونه من همّ بما ينزل بالأمة ينبغي أن يثمر بعقولكم وقلوبكم حسن النظر في هذه الآية الكريمة.
ولدت سنة 1391 هجرية في مدينة جدة بالمملكة ونشأت بها، بدأت قراءة القرآن وأخذه من سن الخامسة، والحالة الاجتماعية متزوج من ثلاث زوجات ولدي منهن أربعة أولاد ثلاث بنات وولد.. هواياتي عندما أجد الوقت السباحة وركوب الخيل.. سألنا الحبيب الجفري عن رأيه في سماع الأغاني والموسيقى ومشاهدة الأفلام ولو أن أحد أبنائه واكب العصر وأقبل على هذه الأمور فردّ قائلاً: عندما شكا الشيخ الحصري للشيخ عبد الحليم محمود –رحمة الله عليه- استجابة ابنته الفاضلة الحاجّة ياسمين للضغط عليها لممارسة الغناء وذلك في حضورها قال الشيخ عبد الحليم: “هات حبلاً وعصا وكتفها ودعني أضربها حتى إذا ما احتجت إليها في الغناء في مناسبة من مناسباتي لا تطالبني بأجر”.. فاستغرب الشيخ الحصري في البداية من جواب الشيخ عبد الحليم، لكنه فطن بعد ذلك لبعد النظر عند الشيخ عبد الحليم، فتقول الحاجة ياسمين إن هذه الكلمات كانت سبباً في قلقي طيلة مدة ممارستي الغناء، وكانت سبباً في حفاظي عل نفسي، كما كان لها عظيم الأثر في ترك الغناء بعد ذلك، وفيما يخص سؤالك فبفضل الله عز وجل الأولاد عندي لديهم من الميل إلى الأصل الصحيح من التغنّي بالشعر وإنشاده بنحو المدائح النبوية والشعر الهادف ولا سيّما وأنه صار يُقَدَّم في قوالب مناسبة تُغني عن الغناء المبتذل الموجود اليوم، فالغناء في ذاته ليس محرّماً وإنما التحريم طارئ عليه بسبب نوعية الكلمات التي تُغنّى وما يصاحبها من ابتذال ومخاطبة للغرائز والشهوات.