لا يزال لهذا الداعية رونقة وبهاؤه وحضوره الأخاذ فطلعته البهية تذكرك بالسلف الصالح من أهل التقوى وأهل المغفرة وحديثه السلس العذب يستنطق فيك الآية الكريمة (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) وضياء وجهه يجعلك تقف له احتراما وتقديرا ربما تتساءل ألئن لديه بسطة في العلم فالكثيرون يملكون ذاك العلم ألئن لديه بسطة في الجسم فما أطول وأعرض أجساد الناس!!وتحور مع نفسك لتقول إن الرجل لديه ذوقا عاليا يتمثل في تسخير هذا العلم لما ينفع الناس ويجذب الناس ويدعوهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وهذا ما يسعى إليه الشرع الحنيف ويحثنا عليه ويدعونا الله إليه من فوق سبع سماوات ونقرأه في ليلنا ونهارنا بأن يكون القول اللين والحكمة هي ديدننا فيما نأمر وننهي..ذلكم هو فضيلة الشيخ الداعية الحبيب علي بن عبد الرحمن الجفري الذي ذاع صيته في الأيام الأخيرة وتناقلت الألسن الحديث عنه ومعه حول أسلوبه ونهجه الدعوي عبر شاشات الفضائيات العربية وإن لم يعرف الناس جهوده الدعوية الأخرى في دار المصطفى صلى الله عليه وسلم للعلوم الإسلامية في حضرموت باليمن فضلا عن جهوده الطيبة في المملكة العربية السعودية وفي أبو ظبي وفي مصر وفي الإمارات وفي عدة مراكز إسلامية كبرى في أمريكا وكندا والبلاد الأوروبية العديدة .التقيت به في منزل والده بجدة وكان لي مع شخصه الكريم هذا الحوار السريع.. الذي لم تعد أسئلته سلفا:
الحمد لله فقد ولدت في جدة عام 1391 هـ وأكرمني الله عز وجل بأسرة اهتمت بشأن الدين منذ قرون تاريخية وكنت أتردد على الحرمين الشريفين منذ الصبا مما أثر على الإنسان من حيث يشعر أو لا يشعر وهذا له الأثر الصالح في نشأة الإنسان من مناحي خدمة هذا الدين وكان لسيدي الوالد يحفظه الله الأثر الكبير في زرع مفاهيم الدين والخلق وأكرمني الله منذ سن التاسعة بالتتلمذ على أيدي مشايخ كرام تعلمت منهم القدوة والسلوك الحسن وكان ذلك في الأرض المباركة من ارض الحرمين وكذلك التقيت بعلماء في العالم الإسلامي والدعاة ومقارنة بأثرهم فيما تعلمنا من خلال الاحتكاك بهم.
مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ إسماعيل العدوي والسيد الحداد والشيخ الهدار الذي أسلم على يديه في أدغال أفريقيا أكثر من 3000 شخص وكان يؤرخ له في اليمن بوصوله فيقال في السنة التي جاءنا فيها الشيخ الهدار مثلا وهذا يدل على علو كعبه وهمته العالية.
لا لم يخفت ولكن ربما غيب عن الناس بسبب مؤثرات العصر وربما يعود هذا للتقصير الذي شبانا نحن وربما يكون هناك جزء يتحمله الإعلام في العالم الإسلامي.
لا شك أن المنطلق الروحي ليس مجرد أمر ينطلق منه الإنسان إلى الفكر والروح والاقتصاد وإنما ينطلق إلى أمور كثيرة في جوانب الحياة ولاشك أن المنحى الأكاديمي مهم لإخراج مثقفين يعلمون أمور الدين ولكنه لا يكفي وحده لكن الجانب الروي مهم والله تعالى يخاطب رسوله بالاستغفار والتسبيح والذكر فكيف بنا ونحن أحوج ما نكون إلى ذلك والكثرة فيه.. وعلى الجميع التركيز عليه لأنه جانب مهم في أمور ديننا الحنيف كلها.
نحن أقل من ذلك بكثير وهذا من حسن الظن وستر الله الجميل ولكن الشباب يحتاجون الى من أن يلزمهم من جانب الرحمة لا من جانب التقنيط وقبل أن نلومهم أن نلوم أنفسنا وأن وأن ننظر إليهم على أنهم ضحايا لا مجرمين وهم أصحاب قلوب وعقول تفكر ويجب أن تراعي وتخاطب ويقدر لها هذا كله وهناك شريحة كبيرة من شباب المسلمين يقعون في أخطاء وقد تفنن أهل السوء والفساد في الاستحواذ على مسامعهم وابصارهم ومن ثم على عقولهم وقلوبهم وإن هناك من يبذل الجهد في لك أن دور البيت قد ضعف كثيرا في ذلك وكذلك دور المدرسة وما يحدث في السوق والشارع وماله من أثر في ذلك.
هذا صحيح جزء كبير منه يوجد في الكتب الذي يرون فيه ترجمة حاجة الواقع إلى المثل وهناك أسلوب آخر وهو أسلوب الخطابة وهي ان تكون هذه المثل ليست بعيدة عما يعيشه الناس او ليست حاجزا عما يدور في الواقع نفسه وعلى من يخاطبهم بالمثل فعليه ان يفقه اللغة التي يخاطبهم بها فإذا كانوا مفسدين فلهم لغتهم وإن كانوا من مضادات المثل من الأحوال التي تؤيد الشهوة فغن المثل تؤيد الفطرة والفطرة أقوى من الهوة وإن كان للشهوة بريق أو أخذت تغطي على الفطرة فعلى المربي أو الداعية أن يزيل اللبس ويوضح طريق الفطرة الذي هو الأصل والذي عليه المعول في هذه الأمور.
التطرف من الأمور الممقوتة عندنا في الإسلام فالوسائل ليست أصولا والتسرع في أن نعتبر أن الوسائل أصولا ليس صحيحا والواقع لا يمثل في كثير من الأحيان ما ينبغي أن يكون.
وهي من الوسائل التي لو أحسن استخدامها لكان أفضل وأمثل وهذا من المعلوم في السيرة النبوية الشريفة من استخدام الوسيلة الشرعية أيام الرسول وكانوا يؤيدون وينصرون الدين وقد قال صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : (أهجهم وروح القدس معك) والعبرة في القائمين على توجيه الإعلام الإسلامي نفسه وتحويله الى جانب إسلامي قوي وهذا له طرفان طرف ليس في أيدينا نحن لكن على القائمين على الإعلام الإسلامي والذين يسيرون دفته وأن المقاصد لا تبرر الوسائل في كل الأحوال والجانب الذي يعنينا نحن فينبغي أن يكون لنا من الطرح ما يربي النفوس ويبصر شباب الأمة في اختيار الصالح و ترك الطالح وان يثبت معنى التربية الحاضر في البيت وفي العمل وفي كل مكان…
وقد قيل لبعض السلف لقد غلا اللحم فقال أرخصوه فقالوا كيف؟ قال: بالترك فالوسائل الإعلامية السيئة تقوي بالتفاف الناس حولها والإقبال عليها ولو وجدت من يعرض عنها ويتحاشاها لفشلت ولما انتشرت ولو تركها الناس بسبب ما تعرضه من أشياء سيئة لرخصت عندهم..
وليس بالفساد وحده ينتشر العلام وينجح فالقناة الأكثر مشاهدة انتشارا في أمريكا هي قناة حيوانات أي ليس فيها رجال فضلا عن نساء سيما المتبرجات وعقدة أن الإعلام لا ينتشر إلا بمناظر معينة أو تصرفات معينة أو دراما معينة فيمكن أن نتجاوزها بشء من الثقافة.
أجهزة الإعلام وسائل وليست الأساس ومن يظن أنها أساس فليس بصحيح وقد كان صلى الله عليه وسلم كان القدوة في تعامل الناس فما تيسر منها وفتح بابه وليس وراءه ضرر شرعي فينبغي أن يستفاد منه بغير استشراف له.
نرجو من الله ان يجعل فيها من التوفيق ما يرجي ثمرته وما يقبل من الأيام نرجو أن تكون نافعة وعلى أن الوسائل التي أوتينا من قبلها وعلى القاعدة السابقة انها وسائل لا غايات وان الإنسان لا يستشرف لها.
ليس من الإنصاف أن ننسى بلد الأزهر وان شيوخنا الأجلاء كانوا يذكرون ذلك لما للأزهر من دور تعليمي كبير في العالم الإسلامي كله.
اما الشيخ الشعراوي فقد حضرت له بعض المجالس وليست بالكثيرة وقد كان له أثره فيمن يدعو إليه وهو قد تميز ببعض العبارات التي تؤدي الى ان الكتب لا تكفي وحدها إذا لم يعمل الإنسان لها وقد يعطي الله – كما يقول الشيخ الشعرواي – شوية من هنا وشوية من هنا ليكمل فضل الله عليه.
الذي يعنيني من اسبابها أنني الفقير الى الله محتاج الى تحقق معنى الإخلاص لله وبقية الأسباب الصغيرة من أسباب البشر وحسن القراءة في السيرة النبوية الشريفة وقد رأى السابقون الكثير واوذوا ونحن لم نرى شيئا مما رآه السابقون ولا ابتلاءاتهم.
هذه المسائل والقضايا من قضايا الحلال والحرام وليست من قضايا العقيدة تتحول إلى تبادل في المؤاخذة وليس الأزهر الشريف وحده كما ذكرتم بل إن أرض الحرمين أيضا وواقع الأمة الإسلامية على مدى التاريخ كانت تثار فيها مثل هذه المسائل وليس الخلاف في ذكرها بل الخطورة فيمن يرى أن أصحابها مهددون بالخروج عن العقيدة الإسلامية موصومون بالشرك يعني أن تختلف معي في الأمر بغض النظر عن ارى ان اختلافك له تأصيلاً إسلامياً صحيحاً أم أنه اندفاع لكن حتى هذا ليس أس المشكلة بل أس المشكلة ان تعتقد أن وجودك قائم على إزالة غيرك وأن من خالفك خارج عن الدائرة واستخدام بعض الألفاظ لتخيف بها العوام وأنهم سيخرجون من الملة ويقعون في الشرك الأكبر لم يكن هذا ديدن الأمة من أهل العلم والسلف الصالح.
سئلت كثيرا عن هذا الأمر وأذكر ان الفنانين كغيرهم من أوساط المجتمع وفيهم اليخر وإن أخطأ بعضهم او أساء ففيهم من الخير لو خوطب به لتحركت عوامل الخير في نفوسهم وأن الفن وسيلة لو أحسن استخدامها لأفادت ولو أسيء استخدامها لعم الفساد.
والأمر يحتاد إلى هدف الإعلام وهو التحقق والتثبت لا للقفزات الإعلامية والسبق الصحفي والبحث عن العناوين المثيرة التي تحقق الصحيفة أو المجلة الكسب والتوزيع وهنا يتحول الأمر من هذا كله من تجارة ولفت نظر إلى مهمة ورسالة تخدم هذا الدين والكل يقول إنني عندي رسالة الصحافة رسالة ووسائل الإعلام رسالة والفن رسالة ونحن نؤيدكم في ذلك ونسأل: من يقوم بها؟
ذكرنا أن الفن وسيلة وهنا من أساء إلى الفن أو مارسه بطريقة خاطئة فهذا يحتاج إلى أن يتوب ثم إن هناك شيئا يجب لفت النظر اليه فالتوبة ليست لمن يرتكب الكبائر فقط فالحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم كان يتوب في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة كما جاء في الأحاديث الصحيحة ولكن بسبب الجهل المركب الذي أصاب الناس وأصبحوا يعتقدون أنه لا يتوب إلا من ارتكب الحرام فاتوب وأي حرام ارتكبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتوب؟!! فكلنا محتاجون الى التوبة والندم والمؤمن يتهم نفسه بالحارم أقرب من تبرئتها (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي).
أما صلة ذلك بمغادرة مصر فإنني لم أتحقق منه وما يكتب وما يقال فلم أتحقق منه وكما قلت لك إننا لسنا في حاجة لمعرفة الأسباب الحقيقة التي أغضبت الخلق بقدر ما نحن في حاجة إلى الأسباب التي قد تكون أغضبت الخالق سبحانه.
وأيضا لمعرفة الحكمة الإلهية في مسار الدعوة مدى صبر الداعية لأنه ما من داعية إلا وقد تعرض وقد كان شيخ شيخنا الشيخ أحمد بن عيدروس يرحمه الله بلغه أن شيخنا الحبيب محمد بن عبد الله الهدار قد سجن وأوذي على يد الشيوعيين في اليمن قبل الوحدة فضحك فقيل له: نقول لك إنه أوذي تضحك فقال فرحت له وخشيت أن يكون متكلماً صاحب لسان فقط فلما تعرض للأذى عرفت أنه صاحب إرث للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوة الله تعالى ، فمثل هذه المفاهيم يجب أن تأخذ طريقها في الحياة.
بالرجوع إلى المقاصد إلى الأدب النبوي في حسن الظن بالغير في توطين النفس على الخير في الرجوع إلى السف وأئمة السلف فكلنا يعلم أن الإمام أحمد كان تلميذ للإمام الشافعي الذي كان تلميذا للإمام مالك وكل هؤلاء الثلاثة له من الآراء التي تختلف عن غيره ومع ذلك كانوا لم يثبت عن احدهم أنه اتهم غيره أو رماه ببدعة أو شرك أو طعن فيه أو لمز فالرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح له الأثر الكبير في تطيب النفوس.
ما نفعله لا يرقى أن يكون جهدا ، الجهد هو جهد الصادقين من قبلنا والأصل في استقرار إقامتي في مدينة اليمن في مدينة تريم بحضرموت مدينة العلماء حيث مدرسة دار المصطفى للدراسات الإسلامية والسفر حيث ما يفتح الله من باب الخدمة ثم العودة مرة أخرى إلى حضرموت باليمن.
وهي المرحلة القادمة إلى الغرب ثم إلى لبنان وفي المغرب في بعض المعاهد والمراكز الإسلامية في هولندا وبليجكا وفي كندا وفي أمريكا وإيرلندا.
نعم وهي الآن أصلح ما كانت عليه وقد وجه سؤال حول تأثر الإسلام بالأحداث التي صارت مؤخرا فوجد ان الإسلام ينتشر كثيرا في هذه البلاد لن الإسلام دين الله ودين الله لا يتأثر بما يحدثه البشر إنما الضرر يقع على المسلمين إذا أساءوا التصرف أما الإسلام في حال الإحسان وحال الإساءة فهو إلى زيادة وانتشار.
الجهد المطلوب أكثر لأن الثمرات المرجوة أكثر مما كانت عليه لوجود الحيرة لدى الناس أكثر ووجود التساؤلات عند الناس أكثر عن حقيقة الإسلام الكثير ينظر إلى مجالس الذكر بتوجس ولا يتسحث نفسه على حضورها ربما خوفا من التصنيف الذي أصابنا به في عصرنا الحاضر كيف نجلي للناس صورة مجلس الذكر الذي يسموا بالروح ويخلصها من شوائب الدنيا ودرنها ويعالج فيها كثيرا من أمراض القلوب والنفوس التي أصبنا بها؟
احساس الإنسان بحاجته الى الله وأثر مجالس الذكر الواردة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم كثيرة ومشهورة ويكفي الناس أن يتحصلوا على المغفرة (أن قوموا مغفورا لكم) إذن ما يحدث في مجالس الذكر من تنقية القلوب والأخذ بالأرواح إلى العالم الأعلى إلى أن يخرج الإنسان من الحياة الهبيمية التي فرضت على الناس وكذلك تخرج الناس من الوهن الذي أصابهم وهو (حب الدنيا وكراهية الموت) فعدم حضور مجالس الذكر خوفا من التصنيف فيدل على الوهن وكذلك المنفرون والمتهمون عليهم ان يتقوا الله وان يعلموا ان عبوديتهم لله الحقة تجعلهم يخرجون أنفسهم من دائرة شهود العصمة في الحق وأن استشعارهم بالاستعلاء والاستغناء يجعلهم يسمعوا من الغير.
أسأل الله ألا أريد من الناس بل ما يريده رب الناس تبارك وتعالى.
الخير على الأمة مقبل والنصر للأمة مقل والفرج للمة مقبل ولا شك في ذلك لكن القلق علينا نحن الذين أكرمنا بهذا الدين وبكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلينا ان نحسن ما يحسن به القيام من أجل ديننا وأمتنا والمسلم مسئول أمام الله فيما مكنه الله من نصرة دينه وأمته ومن لم يتنبه فالتهديد قائم: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين).
الله معك والله ينظرك والله يرعاك وهو قريب منك فحول هذه العبارات إلى معاني مهمة في حياتك.
لابد من وجود من يعترضك ويحاربك فأصبري وكوني مع الله يكن الله معك.
هذا من علامات الإيمان وانت على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم فعليك أن تسجد لله شكرا على ذلك.
فرق بين إرادتك الخير في توصيل كلمة الله إلى الناس وبين إرادة نفسك ووصولك إلى غاية نفسك.