عقب صلاة تراويح اليوم الأول من رمضان ألقى الحبيب علي الجفري محاضرة بمقر السفارة اليمنية بالقاهرة استهلها بإبراز معاني نظر الله عز وجل إلى عباده في أول ليلة من ليالي الشهر الفضيل وأن ما نراه من وجوه أضحت خاشعة طائعة في أول أيام الشهر إنما هو من بركات نظرة تلك الليلة، وأن من يفقه نور التغانم لمواسم الطاعات يعيش بركة العمر حقيقة وثمرة شهود أن كل ما في الكون بتدبير المولى عز وجل لا يخرج عن الكاف والنون.
كما دعا الحبيب علي الجفري الحضور المميز في قاعة سبأ إلى تأمل ما في رمضان من فهرسة كونية ومن انشغال الملائكة ومن إغلاق أبواب النيران وتصفيد مردة الشياطين ومن فتح باب الجنان وأن هذا كله إنما من عطاء الرحمن المبذول للإنسان ، الأمر الذي يرتقي بالصوم عن شكلية الامتناع عن الطعام والشراب إلى فقه تزكية النفس و ضابطها أن من لم يدع قول الزور والعمل به فلا حاجة لله تعالى في أن يدع طعامه وشرابه.
فحقيقة المعاملة مع الله عز وجل تكمن في الترك قبل الفعل لأن في الترك سر الحب إذ يصعب على الإنسان أن يترك ما يشتهيه إلا إذا كان الترك لمن أحب، فإذا عظم في قلب الإنسان حب الله تعالى أعانه ذلك الحب على فهم قوله تعالى في الحديث القدسي كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.
أفلا يكفي الصائم شرفاً أن عامل الحق سبحانه وتعالى فعلاً برز منه بالصيام بأنه له جل وعلا وباهي ملائكته به في السماء ؟ وكيف يبرر البعض سوء خلقه عند الخصومة بأنه كان صائماً؟ وهل معاملاتنا مع الله تعالى ترتقي إلى معاملة المحب مع من أحب؟
ثم انتقل الحبيب علي الجفري إلى التنبيه على ضرورة إحياء سنة النظر في محاسن البشر ، فلكل فرد نصيب من الخيرية لأنه منتسب إلى الله تعالى بسر النفخة الروحانية الأولى والتي لها صولة على الوجدان تزيدها إشراقاً أنوار لا إله إلا الله ، وأن هذا الخير الفطري يثمر في النفس معاني الرقابة واللوم، بما لها من نور سريع التفشي فيمن حوله عبر مستويات ودوائر متداخلة من الفعل والتأثير ابتداء من الفرد والأسرة والجماعة والأمة والعالم بأسره.
واختتم الحبيب محاضرته في قاعة سبأ داخل مقر السفارة اليمنية بأن من يعيش تلك المعاني في دنياه يكرمه الله عز وجل في موقف الهيبة يوم القيامة؛ إذ سرعان ما يتداركه الحق في موقف المحاسبة مع الله تعالى فتهب عليه نسائم الأنس التي كان يعيشها في الدنيا فيشهد في ذلك الموقف الرب الذي ألفه وصدق معه وعامله فصار الحق عز وجل معه لا عليه.
ومن الجدير بالذكر أن المحاضرة كانت بعد أداء صلاة تراويح اليوم الأول من رمضان والتي حرص الحبيب علي الجفري على أدائها في رحاب الجامع الأزهر بالقاهرة ، هذا وقد أبدى طاقم السفارة اليمنية حفاوة بالغة بالحبيب وبالحضور المميز في قاعة سبأ من الرجال والسيدات مثلما ألقى سعادة الدكتور عبد الولي الشميري سفير الجمهورية اليمنية كلمة الافتتاح والترحيب بوجود الحبيب علي في مصر بعد سنوات من الغياب ، ودعاه إلى تناول طعام السحور عقب انتهاء اللقاء.