إلى ماردين جنوب شرقي تركيا يصل الحبيب علي الجفري بحفظ الله وسلامته للمشاركة في أعمال مؤتمر “ماردين دار السلام” والذي ينعقد في رحاب جامعة ماردين ارتوكلو في الفترة من 11-12 ربيع الثاني 1431هـ/27-28 مارس 2010 وبتنظيم المركز العالمي للتجديد والترشيد وحضور نخبة متميزة من علماء الأمة ورموزها. |
تتناول جلسات المؤتمر مناقشات غير مسبوقة لفتوى ابن تيمية رحمه الله تعالى حول ماردين فيما يعرف بفتوى ماردين ومراجعتها في ضوء العصر، من خلال أربعة محاور أساسية- بحسب جدول المؤتمر- يعقبها توقيع ميثاق سلام ماردين:
المحور الأول: فتوى ماردين: الزمان والمكان والعصر والظروف.
المحور الثاني: وصف مفهوم“الدار” في الفقه الأصيل وفي ضوء العولمة.
المحور الثالث: أهمية الفتوى في ضوء التاريخ الإسلامي.
المحور الرابع:مفهوم الجهاد ومسألة الولاء والبراء.
هذا ويشارك الحبيب علي الجفري بكلمة في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر إلى جانب العلامة الفقيه المربي عبد الله بن بيه وسعادة سردار أوماي رئيس جامعة ماردين والدكتور عبد الله عمر نصيف رئيس مجلس أمناء المركز العالمي للتجديد والترشيد.فضلاً عن إدارة أعمال أحد محاوره الرئيسة.
وَسُئِلَ – رَحِمَهُ اللَّهُ – : عَنْ بَلَدِ مَارِدِينَ هَلْ هِيَ بَلَدُ حَرْبٍ أَمْ بَلَدُ سِلْمٍ ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُقِيمِ بِهَا الْهِجْرَةُ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يُهَاجِرْ وَسَاعَدَ أَعْدَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ هَلْ يَأْثَمُ فِي ذَلِكَ ؟ وَهَلْ يَأْثَمُ مَنْ رَمَاهُ بِالنِّفَاقِ وَسَبَّهُ بِهِ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ :الْحَمْدُ لِلَّهِ، دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالُهُمْ مُحَرَّمَةٌ حَيْثُ كَانُوا فِي مَارِدِينَ أَوْ غَيْرِهَا .وَإِعَانَةُ الْخَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَ مَارِدِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ. وَالْمُقِيمُ بِهَا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إقَامَةِ دِينِهِ وَجَبَتْ الْهِجْرَةُ عَلَيْهِ.وَإِلَّا اُسْتُحِبَّتْ وَلَمْ تَجِبْ. وَمُسَاعَدَتُهُمْ لِعَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَمْكَنَهُمْ مِنْ تَغَيُّبٍ أَوْ تَعْرِيضٍ أَوْ مُصَانَعَةٍ ؛فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِالْهِجْرَةِ تَعَيَّنَتْ. وَلَا يَحِلُّ سَبُّهُمْ عُمُومًا وَرَمْيُهُمْ بِالنِّفَاقِ ؛ بَلْ السَّبُّ وَالرَّمْيُ بِالنِّفَاقِ يَقَعُ عَلَى الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا بَعْضُ أَهْل مَارِدِينَ وَغَيْرُهُمْ .
وَأَمَّا كَوْنُهَا دَارَ حَرْبٍ أَوْ سِلْمٍ فَهِيَ مُرَكَّبَةٌ : فِيهَا الْمَعْنَيَانِ ؛ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ دَارِ السِّلْمِ الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ ؛ لِكَوْنِ جُنْدِهَا مُسْلِمِينَ ؛ وَلَا بِمَنْزِلَةِ دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي أَهْلُهَا كُفَّارٌ ؛ بَلْ هِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ يُعَامَلُ الْمُسْلِمُ فِيهَا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ وَيُعَامَل الْخَارِجُ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ .
تحت رعاية والي محافظة ماردين احتضنت جامعة ماردين بتركيا صباح اليوم افتتاح مؤتمر “ماردين دار السلم“والذي يقيمه المركز العالمي للترشيد و التجديد و يتطرق الى فتوى الشيخ ابن تيمية حول مدينة ماردين.
بدأ الحفل والي محافظة ماردين الذي رحب بالحضور و شكرهم على إقامة هذا المؤتمر ثم تناول الحديث مدير جامعة ماردين و التي تستضيف المؤتمر، فرحب بالعلماء الضيوف ودعا إلى التواصل بين العلماء في العالم الاسلامي وبين الجامعات لتشجيع البحث ومراجعة التراث الاسلامي الثري والغني.
أكد الحبيب علي الجفري في كلمته في الجلسة الافتتاحية على أهمية عقد المؤتمر من عدة اعتبارات :
- أنه يعين على وقفة تأمل في زمن اختلاط الأمور وسبق النشاط للفكر ووقوعنا فريسة التتابع السريع لردود الأفعال التي أفقدتنا قدرتنا على الفعل والضبط.
- أنه نوع من الاستبيان للأمر يردنا إلى أهل الاختصاص والتخصص والتأصيل الصحيح المرتبط بالواقع.
- أن موضوع المؤتمر لا يعالج قضية داخلية بقدر ما يمس جوهر علاقاتنا بالعالم ويضع معياراً ضابطاً لها.
- أن كثيراً من الإجرام في الأرض اليوم يمارسه بعض الساسة بعد أن يلبسوه ثوب الدين، وأن على علماء الأمة وقادة الرأي فيها تبيين أن دين الله تعالى ليس للعب ولا يصلح مطية لأحد تبريراً لجرائمه.
- أن واقع العصر وجدية التعامل الصحيح يقتضي ضرورة فك الارتباط ما بين الحق في المقاومة وهو حق مشروع وبين العدوان والإجرام الذي تحرمه كل الشرائع، مثلما علينا التمييز ما بين التبصر وفهم الواقع وبين الاستسلام والخضوع له.
- أن المسألة ليست فيما توصل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية فقد كان عالماً متبحراً غالب زمانه، بقدر ما أن المقصود من اجتماعنا معرفة دور العالم في الفهم الصحيح لسؤال الواقع.
- أن مسألة ماردين تنتظم ضمن عقد ما تعارف عليه الفقهاء من تقسيم الدور إلى دار إسلام ودار حرب ودار عهد ودار صلح، وهي تقسيمات من بدائع صنع الفقهاء وكانت بمثابة حلاً استباقياً من جانبهم لمعالجة واقع العلاقات الدولية في زمانهم.إلا أنها تحولت إلى مشكلة خطيرة في زماننا.
- مكان ماردين له خصوصيته أيام فتوى ابن تيمية والآن في ظل تعدد الثقافات وتعايش الطوائف داخل مدينة السلام الآن.
- الوقت قد حان للتعامل بجدية مع تطرفين غالبين على زماننا: تطرف فيه الصراع والعدائية تجاه الواقع وتطرف الاستسلام والسقوط بدعوى الواقعية.