من فعاليات الاحتفال الكبير بذكرى المولد النبوي الشريف الذي أقامته وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ، وجرى خلاله تكريم الفائزين بجائزة البردة في دورتها السادسة لعام 2009 ، على المسرح الوطني في أبوظبي ، كانت كلمة فضيلة الحبيب علي الجفري عن قدسية السجود وحسن رؤية المستقبل وإحياء نور الصلة بالدنيا.
تأمل معاني السجود عند الحبيب المصطفى
إذ دعانا فضيلته بداية إلى تأمل معاني السجود عند الحبيب المصطفي عليه وآله الصلاة والسلام من دلالات اتصال بالحضرة الإلهية، يجد أن الأمة في أمس الحاجة إلي تجديد العهد بها، متسائلاً عن السر في أن العبد يكون أقرب إلى الله تعالى وهو ساجد مع أن الله عز وجل لا يحيطه زمان ولا مكان، منوهاً إلى أن السجود هي حالة صدق يدرك الإنسان بها حقيقة ضعفه وافتقاره إلى الله تعالى، وأن الغفلة عن معاني السجود تلك هي مبعث الطغيان في الأرض ابتداء من علاقة الرجل بأهل بيته وعمله وماله، ومؤكداً على أن شهود الهزة الاقتصادية والأزمة المالية العالمية والبطش والإمعان في سفك الدماء إنما هي من مظاهر افتقادنا لمعاني سجود إمام الساجدين.
السجود منهج حياة لكيان الإنسان وكونه
فالسجود منهج حياة يبتدئ بحضور القلب في لحظة قدسية مع الرب فيثمر أدباً وتواضعاً يتعامل بهما الإنسان مع كيانه وكونه.
رؤية المستقبل على نحو اليقين
ومن الدلالات المهمة التي أشار إليها فضيلة الحبيب علي الجفري في كلمته في ذكرى مولد المصطفي عليه وآله الصلاة والسلام حسن رؤية المستقبل والرباط الجامع لكل فئات الأمة الذي نحتاج إلى استعادته بين الماضي والحاضر والمستقبل، مع وصف المستقبل على نحو اليقين الجازم الذي لا تحجبه ولا تكدره متغيرات الواقع، وقد أبكى الحاضرين وأهاج منهم الأفئدة والقلوب ذكر حديث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم :” وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ” ( أحمد 2/300 برقم 7980).
واختتم الحبيب علي الجفري كلمته بالإشارة إلى حسن الصلة بالدنيا وأن الإشكال ليس في الإمكانات المادية بل هي من فروض كفاية الأمة، وإنما في التعامل مع المال على نحو غير صحيح، و إلى أن مبادرة الحوار مع الآخرمن خلال كلمة سواء قد أتت أكلها، لأن صاحب الحق إذا أحسن عرض قضيته سيجد من يقبلها ويسلم بحقه فيها.
هذا وقد شهد الاحتفال وقام بتكريم الفائزين بجائزة البردة بفئاتها المتعددة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وسعادة عبدالرحمن محمد العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية وعدد من المسؤولين وأعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي المعتمدين لدى الدولة.
وكان من فعاليات الاحتفال الكبير تقديم مجموعة من الأناشيد الدينية في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وآله و سلم وسيرته العطرة، منها “بشرى لنا” التي شارك فيها الفنانون حسين الجسمي وفايز السعيد ومحمد المازم والفرقة الوطنية للفنون الشعبية التابعة لوزارة الثقافة وفرقة الدار للإنشاد إلى جانب مشاركة كل من المنشد عماد رامي وفرقته والفرقة الأردنية للإنشاد .
كما تضمن الحفل إلقاء مقاطع من القصيدة الفائزة للشاعر إبراهيم بوملحة وتقديم لوحة من فن “المالد” من التراث الشعبي للفرقة الوطنية للفنون الشعبية وفرقة شباب العين ،إلى جانب تكريم الفائزين بجوائز البردة في مسابقة الشعر بنوعيه الفصيح والنبطي والخط العربي بفرعي الأسلوب التقليدي الكلاسيكي و الأساليب الحديثة وفرع مسابقة الزخرفة الكلاسيكية بنوعيها التقليدية الناعمة والهلكار.
تكريم رواد فن المالد
واهتمت وزارة الثقافة ضمن احتفالها في هذا العام بتكريم رواد فن “المالد” من التراث الشعبي الإماراتي في إنشاد السيرة النبوية وقصائد مدح الرسول كالبردة للبوصيري ونهج البردة لأحمد شوقي وغيرهما .
جدير بالذكر أن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تنظم مسابقة البردة منذ العام 1425 هجرية/ 2004 ميلادية احتفالا بذكرى مولد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في كل عام.. وتسعى الجائزة إلى أن تكون الرائدة والمتميزة على مستوى العالم الإسلامي في الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف وتكريم الفائزين في المسابقات المختلفة في موضوع مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة.