إنا لله وإنا إليه راجعون..
فُجع القلب بوفاة علم من أعلام وادي حضرموت وسراج من سُرج العلم والتعليم والدعوة والصُلح والدلالة على الله فيه؛ وهو أخي سليل آل أبي عَبّاد بيت العلم والدعوة من نسل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وعنهم؛ فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن باعَبّاد.
وهو من إخوة الصدق والوداد الذين تجمع بين قلوبنا روابط المحبة والتعاون على خدمة العلم والتعليم والدعوة.
تعلم وتربى بأبيه الذي سلَّمه لأستاذنا المربي الحبيب عمر بن حفيظ ليكمل سيره وتهذيب نفسه وترقية روحه، كما أخذ عن كبار أئمة عصره وعلى رأسهم سيدي العارف بالله الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف ومن أدركهم ممن في طبقته ومن بعدهم، وكان توسعه في الفقه على يد مفتي الوادي الحبيب عبد القادر بن سالم الروش السقاف وغيره من فقهاء الوادي.
وعندما عاد إلى بلدته “الغرفة” أسس فيها “دار الإسعاد” وهو مركز يشع بالعلم والنور والتربية يقصده الطلاب من الغرفة ومحيطها ويسكن فيه الطلبة الوافدون من الخارج ويُعتمد خريجوه في دار المصطفى بتريم لإتمام تعليمهم.
وكان رحمه الله له الدور الواسع في الصلح بين القبائل، كما كان مرجعًا لتحالف قبائل حضرموت الذي اتسع ليُصبح “تحالف أبناء حضرموت” يستشيرونه في أمر دينهم وذلك لصحة منهجه رحمه الله وسلامة معتقده على نهج سلفه وأشياخه من مدرسة حضرموت، ولما لديه من حصافة رأي في شؤون القبائل وإصلاح أمرها، مع تعففه عن المقاصد الدنيوية والانتماءات السياسية.
وقد أخبرني رحمه الله بتعرضه في الآونة الأخيرة لتكرر التهديد من خوارج العصر بسبب دوره في التوعية وأثره في إصلاح شأن الوادي، غير أنه لم يتوقف عن أداء مهمته إلى آخر يوم، بل لقد افتتح قبل رحيلة بثلاثة أيام حجرات جديدة لمركز تدريب شباب بلدته “الغرفة” التابع لدار الإسعاد.
وقد توفي في حادث أليم أثناء توجهه إلى سلطنة عمان، تقبله الله في الشهداء السعداء، وأخلفه في أخيه معروف وفي أولاده أحمد ومحمد وعمر وفي طلبته وأحبته وفينا وفي الأمة بخلف صالح، وأنزل السكينة على قلوب والدته وأهل بيته، وحفظ علينا علماءنا وأشياخنا وإخوة الصدق المرابطين على ثغور العلم والتربية، وفرّج عن البلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه.