بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله ومن والاه . وبعد
فإني رأيت في بعض مواقع الشبكة العنكبوتية من يسفه إلحاق زيارة المسجد الأقصى في زماننا هذا بالزيارة في العهد المحمدي له ولمكة قبل الفتح .محتجا بأن هذا القياس هو قياس مع الفارق ! فأقول في دفع هذا الاعتراض مستعينا بالله :
ما هو حقنا المغصوب في بيت المقدس ؟هل هو حق السبق الزمني في الملك أم هو لأجل الحق الناشيء عن الإذن الإلهي لكوننا – أهل الإسلام – أهل البيت المقدس وعماره الحقيقيين ؟ إن كان هو الحق الأول فالمسلمون حينما أخذوا البيت المقدس من الروم كانوا محتلين إذ أن الروم سيطروا عليه قبل المسلمين وعندما عادوا إليه تحت رماح الحملات الصليبية لم يكونوا محتلين وإنما استردوا حقهم.
وعليه فالرسول صلى الله عليه وسلم كان محتلا وليس فاتحا– والعياذ بالله – عندما أخذ مكة من سيطرة كفار قريش لأن الأرض تحت أيديهم من قبل ميلاده ! ولا شك أن هذا الكلام ظاهر البطلان ولا يقول به مسلم .ولهذا فقد تعين أن يكون الإذن الإلهي بخلافته في الأرض للموحدين المطيعين له هو السبب في جعل الروم ليسوا أهلا لما كان تحت أيديهم وكذا كفار قريش وكذا اليهود. ذلك الإذن الذي أعطي لهم حقبة من الزمن ( ادخلوا الأرض التي كتب الله لكم ).فالمسلمون أحق بالقدس من غيرهم لأن الأرض ليست لمن يعمرها أولا ولكن لمن يقيم فيها حكم الله لأن الله خلق الأرض وخلق الناس ليعبدوا الله عليها ويقيموا فيها دين الله وشرعه وحكمه قال الله تعالى : ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقي وهذا هو الفرق بين الفتح الإسلامي والاحتلال .فالفتح الإسلامي هو استرداد حق المسلمين الذي وهبهم الله إياه بينما الاحتلال هو أخذ الأرض من أهلها أصحاب الحق فيها
إذا تقرر ما سبق فمكة قبل الفتح كانت حقاً للمسلمين وكانت يد الكفر عليها وإن استوطنت وسيطرت محتلة لا حق لها فيها وكذا الكلام في بيت المقدس حينئذ لا فرق في قياسنا جواز زيارة المسجد الأقصى وهو تحت السيطرة الصهيونية عليها وهو تحت السيطرة الرومانية وكذا قياسها على زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم لمكة وهو تحت السيطرة الكفرية القرشية إذ أن الجميع قد وضع يده على ما لا حق له فيه سواء سبق للمسلمين ملك أم لم يسبق .ومن هنا يتبين لنا أن سبق ملك المسلمين لسيطرة الكفار أو عدم ذلك هو فارق لا أثر له في صحة القياس واتفاق طرفيه في العلة .فمن المعلوم أنه لا بد من وجود فرق بين طرفي القياس ولكن الفارق القادح فيه هو ما كان مؤثرا في صحة القياس أما إن كان الوصف الفارق هو من قبيل الأوصاف الطردية فلا عبرة به .وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.