أنهى الحبيب علي زين العابدين الجفري زيارته الدعوية الثانية الى دولة السودان التي أتت بدعوة من المجمع الصوفي العام بدأها في الثامن من أبريل على مدى أسبوع متواصل كما كان معد لها من قبل الجهة المستضيفة للبرنامج الدعوي الثقافي المتكامل، كان في وداعه بمطار الخرطوم فجر اليوم السبت عدد من قيادات واعضاء المجمع الصوفي العام.
هذا وقد كان الحبيب علي الجفري متنقلاً طوال الفترة التي قضاها في السودان في عدد من المدن السودانية لما له من برنامج حافل بالمحاضرات و الندوات واللقاءات العلمية الدينية في عدد من الجامعات والقاعات ألتقى من خلالها بشريحة واسعه من طبقات المجتمع المختلفة، كان قد صرح الحبيب علي الجفري سابقاً في لقائه بوفد المجمع الصوفي المنسق للزيارة على هامش الملتقى العالمي للدعاة بالإمارات:
”أنه مشتاق للقاء الأحبة السودانيين لتجديد أواصر الأخوة و المحبة مع أهل الصفاء و الذكر”.
و قد جاء إعلان المجمع الصوفي العام لاستضافة موسعة للسيد الحبيب علي الجفري لإقامة برنامج دعوي عام على نقاط واسع، تم فيه الترتيب لعدد من المحاضرات الجماهيرية بعدة جامعات وقاعات كبرى كما أشرنا أنفاً، إضافة لعدة لقاءات مع قيادات الدولة و عدد من المشائخ والعلماء و المفكرين. كانت البداية في ضيافة الشيخ المختار محمد الحسن الحاج، شيخ الطريقة السمانية بالسودان .
في التاسع من أبريل اليوم الثاني لوصوله الى الخرطوم بحضور عدد من طلاب الطريقة و محبي الشيخ كذلك عدد من مشايخ السودان ، و بدأت الجلسة بافتتاحية بعدد من المدائح النبوية ألقى بعدها الحبيب علي زين العابدين الجفري كلمة تحدث في بدايتها عن تسليم زمام القيادة للروح دون تسليمها لرغبات الأنفس الجانحة وأثره على المؤمن لجميع ما ينتمي الى الله بنسبة الخلق ثم بنسبة العبودية ثم بنسبة الإيمان به تعالي ، ثم تطرق الى ما ينتجه هذا التفريق بين بغض المعصية و بين بغض العاصي، و أنتقل للحديث عن ما ينبغي ان يرتقي الصادق مع الله الى شهودها عند سماعه العدل ممن يعذله ، ثم ذكَر بعظمة نعمة الاصطفاء الإلهي إذ جعلنا من المؤمنين ثم من أهل السنة والجماعة وختم حديثه بالكلام عن عظمة الانتماء لمناهج ارباب الحق و ذكر اهم ما يتميز به مذهب اهل السنة من تعظيم من انتسب الى رسول الله بنسب أو صحبه نظراً لنسبتهم اليه. تكلم بعد ذلك فضيلة الشيخ بشير حسن الامام ورحب بالحبيب علي الجفري و حث على أهمية العمل بما وجه له و نصح به الحبيب علي الجفري.
مساءٍ كان الحبيب علي الجفري على الموعد في ساحة مسجد السيد علي الميرغني وكان الافتتاح بقراءة آيات من الذكر الحكيم، ثم الاستماع لإنشاد جماعي، تكلم بعدها الشيخ عبدالعزيز محمد الحسن محمد الحسن في كلمة تعريفية بالطريقة الختمية ثم عقب ذلك بالحديث عن فضائل أهل البيت
وعن قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً).
تحدث بعد ذلك فضيلة الشيخ سعد الدين برير أمين الشؤون العلمية بجامعة القرآن الكريم بكلمة ترحيبية بالحبيب علي نيابة عن المجمع الصوفي، ثم كانت كلمة الحبيب علي الجفري و التي بعنوان (مدراج الأحبة على درجات المحبة)،
و بدأ الحبيب علي بقوله: عندما قيل لي ان العنوان يتعلق بالمحبة تعجبت.. وقلت: أوفي السودان؟!
ومن عجب اهداء تمر لخيبر، وتعليم زيد بعض علم الفرائض، ولكن تجديد عرض البضاعة على أهلها يصح من طرق. ثم ذكر أن الحب هو روح الاسلام وقال: ما ثبت قدم على حقائق التوحيد إلا والحب مثبتها وأنه حتى الاعمال الظاهرة والمتابعة لرسول الله لا تقوم على وجهها مالم تبنى على أساس من المحبة وضرب لذلك الأمثلة. ثم ذكر تعريف المحبة وأن للعلماء تعريفات كثيرة فيها وأن أحسن ما يقال انها أمر يذاق القلب ولا يعبر عنه،
ولكن من أفضل ما يقرب معناها هو ان المحبة: ميل في القلب يفضي الى التعلق بالمحبوب.
وتحدث عن أسباب المحبة وأنها ثلاثة وهي الجمال والكمال والإحسان وتطرق في سرد لكل واحد من الثلاثة. وعن مراتب المحبة قال أن أولها الميل الى المحبوب، ثم التعلق به الذي يصبح معه كل ما له صلة بالمحبوب محبوب، ثم الهيام و الغرام و السكر غير الآثم، و ربط ذلك بالحديث عن محبة آل البيت و الصحابة و ارتباط هذه المحبة بمحبة المصطفى عليه الصلاة والسلام المرتبطة بمحبة الله عز وجل. وذكر ان الصادق في محبة الله تعالى ينظر الى من حواليه من خلال صلتهم بحبيبه ولهذا فإنه لا يمكن ان يبغض ذاتاً خلقها الله وأن المراد بما ذكره علماؤنا من بغض الذات الكافرة إنما هو الذات التي ماتت على الكفر، وأنى لنا أن نتحقق ذلك في أحد من الكفار الموجودين الآن!
في يوم الأحد 10 أبريل القى الحبيب علي الجفري محاضرته بكلية الشرطة والقانون في الخرطوم التي كانت بعنوان (محبة النبي صلى الله عليه واله وسلم وكيفية محاربة التطرف) حيث بدأ الافتتاح بقراءة من الذكر الحكيم ثم الاستماع للمديح، ألقى بعدها اللواء عمر علي عيد الماجد كلمة عرف فيها بالحبيب علي الجفري و رحب به ثم ألقى الحبيب علي الجفري كلمته جاء في مستهلها استئذانه أن يكون العنوان (محبة النبي صلى الله عليه واله وسلم محاربة التطرف) ثم تحدث الحبيب علي عن ما تفعله المحبة بالمحب و أن المحبة لا تبقي من هوى النفس لدى المحبوب شيئاً لأن المحبة أعلى أنواع الهوى وضر لذلك الأمثلة. ثم تطرق للحديث عن التطرف وطلب من الحضور أن يعرفوا التطرف ويعبروا عنه بما يعرفون عنه.
ثم عرفه بنفسه أنه مرض نفسي فكري مجرد و ليس أمراً متعلقاً بتوجه طائفي معين لكن يمكن أن يكون هناك مسلم متطرف كما يمكن أن يكون هناك يهودي متطرف، و ذكر طلاب الكلية بعظمة المسؤولية المناطة بهم وأهمية الأمن في صلاح المجتمعات مستشهداً بقوله تعالى ممتنا على قريش: (الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف)، ثم تحدث عن الآداب والمشاعر التي يجب أن يحملها من يقوم بهذه المهمة، و ختم حديثه بالتنبيه الى أن منهج أهل السنة و الجماعة منجاة من التطرف و الغلو، وأن من لا يعتقد في إلهه أنه محدود يكون متسعاً في معاملته للإله ولخالقه بخلاف من أعتقد المحدودية في إلهه فانه لا يمكن له أن يكون وسعاً.
بعدها أجاب عن الأسئلة التي وجهت اليه وكان من أهمها سؤال عن كيفية التحقق بالحب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب الحبيب علي بأن أسباب المحبة ثلاثة الجمال والكمال والإحسان وأن جميعها مجموعة في الجناب النبوي الشريف،
وأشار الى كيفية الوقوف على كل واحد منها في شخصه الشريف فقال: (بإدمان النظر في الشمائل تقف على الجمال، وبإدمان النظر في الخصائص تقف على الكمال، وبإدمان النظر في السيرة تقف على الإحسان).
بعد ذلك كرم القائمون على كلية الشرطة الحبيب علي الجفري وختم المجلس بكلمة من الشيخ برير السماني نيابة عن المجمع الصوفي التقى بعدها الحبيب علي الجفري بالسيد اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس جمهورية السودان بمكتبه في القصر الجمهوري بالخرطوم.
ومساءاً في بلدة الياقوت افتتحت الجلسة بالمديح وقراءة من القران الكريم بعدها كلمة للحبيب علي بعنوان (التصوف منهج للمحبة والسلام)
أبتدأ فيها الحبيب كلامه بتعريف التصوف بأنه العلم الذي يُعني بصلاح القلوب و أن سبب الخيبة التي يعيشها العالم بكافة أنواعها ما قال عنه الله تعالى (وقد خاب من دساها). وتطرف في حديثه الى وظيفة كلاً من الروح والقلب والنفس والعقل والجسد بالنسبة للإنسان، وارتباط كل منها بالأخر. وربط ذلك بالحديث عن الحب وتكلم عن ارتباط الحب بالمتابعة الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورب أمثلة لذلك. ثم تكلم عن الأمور التي لا يكون المتصوف صوفياً الا بها، لأنه ليس كل متصوف صوفي بل الصوفي مقام عال لا ينبغي لأحد أن يدعيه. ومن أهم ذلك العلم بالشريعة وأقل ما يجب العلم بما يتعين على المسلم، ثم سرد جملة من الآداب التي يجب أن يتحلى بها من يرغب في أن يكون صوفياً، وذكر بواجب المنتمي لهذا المسلك.
وأعقب بالحديث عن ما يثمره سلوك منهج التصوف الذي يراعي فيه السالك هذه الآداب وما ينتج عنه من صلاح في الأمة، وضرب على ذلك المثل بالجهاد و آثاره عندما كان يقوم به المنتمون لهذا المنهج، و ما نتج عنه بعد ممارسة أرباب التطرف له وقال: (الجهاد المزعوم كلما كثر.. زادت قوة العدو في بلادنا). وتحدث بعدها عن عوامل النصرة الحقيقية لهذا المنهج وقال (الباطل ينشر بالمال، والحق ينشر بالتضحية) وختم كلامه بالتوجه الى الله سبحانه وتعالى ودعاءه له جل جلاله.
ثم كان له وقفة بكلية تنمية المجتمع “البنات” يوم الاثنين 11 أبريل بمحاضرة عنوانها” نجاحي في استقامتي” بجامعة أم درمان حاثاً المرأة على الاهتمام بالجوهر لأنه المعنى الحقيقي لبناء الشخصية قائلاً:
ان الانسان يجب ان يتحول من عبداً للنفس الى مالكاً لزمام نفسه، فعبد الله وامته على الحقيقة هو من امتلك النفس وخرج من الرق لنفسه، ضارباً بذلك الامثلة الا ان من تمرد في عبودية بالله وقع في عبوديته لنفسه و عبوديته للناس و الجماهير والشهرة وهي منزلة لا تليق به، فالنجاح الحقيقي هو خوض الحياة وغمارها، حاثاً المرأة على الخوض في الحياة والبروز في كل مجالات الحياة فنحن بحاجة الى العالمة المحدثة المؤلفة الفقيهة ضارباً الامثلة، فنحن بحاجة الى زيادة الثقة في خطاب الدين، فالدين له ثقة بالمرأة فعديمة الشرف لا يمنعها من الإساءة شي لكن الشرف الحقيقي هو ما يبنى في القلوب، فالدين لم يأتي للرجال وحده و يجب ان لا ترضى لنفسها ان تكون سلعة معروض و بضاعة معروضة ومن خلال هذا يجب ان تلتزم في الحياة بوضع الحجاب و بوضع حواجز امام الرجل تجعله يحترم المسافة بينه وبينها، فاحترام المرأة يرجع لنفسها لا يرجع للرجل، فنجاح النساء بتاريخنا الاسلامي كان مرتبط بصلة قلوبهن بالله، كما اشار ان هناك من لفت نظره من مشائخ السودان الذين تنسب اسمائهم لأمهاتهم نظراً لفضلهن عليهم كما الشيخ عبيد ولد بدر المشهور بالشيخ عبيد ولد ريا وغيرهم، سائلاً الطالبات عن الدور الذي يردن القيام به في الحياة و الثمرة التي نتاجها هذا الدور.
ومساء بقاعة مارينا بالعاصمة الخرطوم التقى الداعية الحبيب علي زين العابدين الجفري بعدد من الدعاة الى الله والعلماء والخطباء والأئمة وذلك بالخيمة المقامة بمنطقة المارينا، وبناء على طلب المجمع الصوفي الذي أراد بينا خارطة الطريق للدعاة الى الله من وحي تجربة الحبيب بدأ الحبيب علي الجفري حديثه فألقى خطابة وحدد لها خمس نقاط نسردها كالتالي:
1 -علاقة الداعية مع الله وهي أساس الأمر الذي ينبغي على الدعاة الاتصاف بها أن يكون كلامه ودعوته خالصة لوجه الله.
2-صلة الداعي بمن ينوب عنه صلى الله علية وعلى آله وسلم: وفيه بين أن الداعي الى الله الحقيقي هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكل من عمل في الدعوة الى الله ما هو الا نائب عن الجناب النبوي الشريف، ثم تحدث عن كيفية أتصال الداعية بالنبي والإدمان بالتعلق بالنبي وقراءة سيرته وأخلاقه، تعشق رسول الله، والشوق الى رؤيته، وكيف يمر على الداعي مدة زمنية لا يرى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3-حرصه على التأهل المستمر: وكيف ينظر الى ميادين الدعوة التي لها ألوان وأشكال ومنها الدعوة العامة: وهي أشرف مراتب الدعوة وهي الخدمة بالتدريس والوعظ والخطابة وغيرها
الدعوة الخاصة: وهي الفكر فيما يطرأ على الامة الدفاع عنها، كما قام الامام الاشعري والإمام أبومنصور الماتريدي بالدفاع عن العقيدة كما قام الامام الشافعي بالاعتناء بعلم الاصول.
4-الدعوة الى الله في خطاب اهل السياسة والسلطة. وكيف تكون الدعوة الى الله لأهل الاقتصاد، والدعوة الى الله لأهل الالسن الاخرى، الدعوة الى الله لأهل الفكر.
ثم تطرق الى المرحلة الرابعة وهي معرفة الواقع وما يطرأ عليه: وتحدث عن كيف أنه لا ينبغي الدخول في أمر أو التكلم عن شيء اختصاص لداعي فيه، كما لا ينبغي للداعي نشر ما يصل من أخبار دون التثبت منه. ثم تحدث عن أنه أيضاً ينبغي على الدعاة إعمال الاصول في فهم الواقع، وتعلم عدم الكلام مع علم المنطق، كذلك التمكن من علم السلوك والتصوف، إضافة الى تجديد النموذج المعرفي وتعلم ثقافة ما بعد الحداثة، وتحدث خامساً عن تنزيل الخطاب الشرعي على الواقع وأوضح أن معناها أنزال حكم الله الى الواقع.
في يوم الثلاثاء 12 أبريل مساءاً احتشد العديد من محبي الحبيب علي الجفري بالساحة الخضراء في محاضرة بعنوان: ” رسائل الى المحبين ” بدأ حديثه بحمد الله والصلاة على النبي وقال:
هناك من الرسال ما يرتبط بحاجة المرسل او المرسل اليه ومنها ما يرتبط بمقتضى خطاب العقل للعقل ومنها ما يرتبط بنقل الاخبار او طلبها، لكن رسائل المحبة انما تكون من خطاب القلب للقلب والروح للروح و المحبة امر رباني في اصلها مرجعها الى محبة الله لعبادة حيث اوجدهم من العدم ثم خص هذه الامه بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ووضع في كل انسان خلقه قابليته المحبة فبدون المحبة لا حياة وما نراه اليوم و نسمعه على كل الأصعدة انما حصل فيه ما حصل من البلاء و اهراق الدماء وانتشار البغضاء واستسهال التعدي والباس بعض انواع التعدي لباس الدين، ومن يقوم بذلك قلوبهم خالية من المحبة فأن ارتقى قلب الانسان بالمحبة كان له نظراً من كل شي يحيط به بمنظار المحبة أيا كان المحبوب، فالمحبة تجعل المحب منشغلاً بمشاركة المحبوب سائر الشؤون والمحبة في الله تحمل المحب على ارادة مشاركة من يحبهم في الله بمشاركتهم سائر الشؤون المقربة الى الله، ثم تحدث عن دولة السودان التي هي قائمة عن المحبة و متدينة بالمحبة، فالشباب هم عمدة الامه وكل امه يتوقف انتهاضها على شبابها، وكل امه اعظم تحدياتها هي التحديات التي تقابل شبابها، وهنا شباب تقابلهم تحديات كما تقابل الشباب في كل مكان، ضارباً الامثلة، ثم تطرق الى السؤال ان البلدان العربية ذات الدخل المنخفض ومع هذا كيف تبقى المخدرات فيها رغم ذلك، الا ان هناك من يريد ان يبقى شبابنا رهينة و مأسورة لغياب العقل وهذه الرسالة الاولى، الرسالة الثانية و تتعلق بما يحيط بنا واصل الصلة بمن يحيط بنا فمنهم من اعتاد على الصلة ومنهم من يروقه من يصاحبه، فيمكن ربط العبادة بالصلة بمن يحيط بنا من جيران واهل و اصحاب ، فدين الله باقي و سينطفئ بلا شك ما نراه اليوم من احداث ، متمنياً ان لا تكون الليلة كسابقتها من الليالي بمعنى الانصراف من هذه الساحة الى ساحة الفضل الاعظم بقلوب تبعث الرسال الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كل ليلة و ليس هذه الليلة فقط، بالسير على آدابه و سلوكه مستشعراً قوله (خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي) و سنبعث له رسالة بالإحسان بالمرأة و الاهتمام بالفقراء ومحبة الخير، حتى تأتي ساعة اللقاء على أعلى مراتب الصفاء والنقاء خاتماً حديثه بالدعاء و التضرع الى الله تعالى.
في يوم الأربعاء 13 أبريل مساءاً بمركز الشيخ التوم بالرميلة ابتدأت الامسية بعروض لأطفال المركز الاسلامي للشيخ محمد التوم و ألقت كلمة الاطفال الترحيبية بالحبيب علي الطفلة رؤى أحمد العالم كما أهدت الحبيب هدية نيابة عن أطفال المركز فأهداها الحبيب مسبحته تعبيراً عن امتنانه لهم ، و بعد صلاة المغرب ألقى الحبيب علي الجفري محاضرة بمجمع الشيخ التوم بالرميلة بعنوان: ” الأخلاق منبع الأذواق”
بدأ حديثه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بعدها تحدث ان أهل العلم قالوا ان الاخلاق هي هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الافعال و الاقوال، كما ان للجسد هيئة فالنفس هيئة وهي التي تقود الانسان في اقواله وافعاله ويعبر عنها الاخلاق وهي نوعين من حيث صلة الناس بها فالنوع الاول اخلاق موهوبة حيث يولد الانسان وقد وهبة الله بدون تكلف نفساً منساقة نحو الخلق الحسن ، فلم يجد صاحبة فيه بل كان محظ عطا و جعل الله من باب الاكتساب أي التخلق بالخلق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العلم بالتعلم و الحلم بالتحلم) فكما يحصل العلم بالتعلم و الممارسة فكذلك الحلم وهو خلق عال راق بمجاهدة النفس على التحمل و مكافحة الغيض، ضارباً بذلك الأمثلة، ثم اشار ان المؤمن يجب ان لا يرى نفسه حقاً على الاخرين و لا يجب ان يرى لنفسه فضلا على الاخرين و لا يرى في نفسه ميزة عن الاخرين، ثابتاً على الخلق لا يتغير بتعامله مع تغير احوال الناس، وتربية النفس بترويضها، فالناس تتفاوت بين صابر و غير صابر، وهناك من يثبت على الخلق لأنه يؤمن بمكارم الاخلاق، والتراجع عن الخلق فيه اهانة للنفس المتخلقة وليس للغير، ففي ظاهرة التخلق مرارة تجرع ذل او كظم غيض، مرة في سبيل الله اما عند قبلوها من اجل الدنيا او امور اخرى هذه قاذورات، حيث يجب فقط قبولها لله مسترشدا بـ (أذلة على الكافرين اعزه على المؤمنين) فالشمائل مرتبطة بالأخلاق الممتزجة بالكليات تجعل من الفرد قدوة يحتذى بها و يتمنى ان يكون مثلها، فالسلوك يتجاوز التعامل الانساني الى الحال الكلي في المعاملة، وهذا ما يحتاجه العالم الان، لن يتجاوزها اذا بقينا متقوقعين فيها، طالباً من الحضور ان يبدئوا بطلب الاستزادة من انوار الخلق المحمدي يوماً بعد يوم، حيث كان لا يقول الا صدقاُ و يرحم الكبير و يقابل الاساءة بالإحسان وغيرها من الصفات النبوية التي يجب علينا الاقتداء بها.
ثم تم في المجمع بحضور الحبيب تكريم الشاب أحمد بكري الصوفي مشرف قناة اليوتيوب الصوفية تقديراً لجهوده في خدمة الدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلامي الشيخ أمير مالك جمعية السراج، كما تم تقديم عرض مسرحي بحضور رئيس اتحاد المهن التمثيلية الاستاذ علي مهدي، قبل ذلك التقى الحبيب علي الجفري كوكبه من أهل الفن في منزل الاستاذ علي مهدي محدثاً إياهم عن صناعة الفن الثقيلة التي تحتاج الى ثورة مثقفين موضحاً ان الفن حلاله حلال وحرامه حرام.
الخميس 14 أبريل بقاعة الصداقة كان الحبيب علي الجفري على موعد مع أزمات العالم الأسباب والحلول في لقاء نوعي بمشاركة واسعة من السياسيين والمثقفين وقادة الرأي والدبلوماسيين تم فيها تكريم الحبيب علي من قبل المجمع الصوفي وعدد من رموز العلم بالسودان.
ثم بدأ الحبيب حديثه شاكراً و ممتناً لهذا التكريم و بدأ حديثه فيها أن المحبة أساس في العالم الذي يصعب العيش فيه او العالم الذي ينشئ أصحابه ظناً منهم انهم يحملون فكراً متقدماً في طياته ضعف أحساس ان تكون المحبة أولوية فهي اساس التحقق في هذا الدين فالمفكر والكاتب الذي لا يرى المحبة أولوية في معالجة معاناة العالم هو كارثة على العالم فعالم الذي لا يجد المحبة اساس في معالجة مشاكل العالم هو كارثة على الدين والسياسي الذي يدير دفة الاحداث وهو لا يرى المحبة اساس للإدارة العالم بل يراها ملاطفة او تسكين او تخدير هو كارثة على العالم و كذلك الفنان والاقتصادي وغيرهم، كما أشار انه طلب منه ان يكون الحديث في هذه الليلة عن أزمات العالم الأسباب والحلول وقد ود الحبيب علي ان يكون هذا الحدث تداول وليس مجرد استماع و خطاب وقد وضع رؤوس عناوين ليتم مناقشتها مقسماً اياها الى عدة رسائل فالرسالة الاولى الأزمات التي يعانيها العالم اليوم لها أصول و فروع فعندما يسأل الانسان اليوم عن الأزمات فمن البديهي ان يقول انها الحروب حيث تراق الدماء وهي الحرمة الاعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة، وهذه الأزمات عسكرية كذلك أزمات سياسية من حيث الانظمة والدول التي تتسبب في سياساتها الخرقاء المصادرة لحقوق البشر او الماكرة الخبيثة التي تستطلع الى مفاهيم السيطرة ووضع اليد على مصادر الثروة، و الأزمات الاقتصادية التي تسببها الشركات الكبرى و الأزمات التعليمية من حيث الفشل التي ينتشر في مجتمعاتنا و أزمات اعلامية تتلخص في اعلام الاثارة و الاعلام الموجه الذي يوجه ثورات الشعوب نحو التدمير و غيرها فالقائمة طويلة لكنها أزمات فرعية وليست اصل الأزمات وان كانت نتائج فادحة وكبيرة. فالطبيب الفاشل الذي يعالج العرض و لا يلتفت لسبب المرض الاصلي ، لكن لعل اصل الأزمات تتلخص في ازمتين اساسيتين هما: الازمة الروحية و الازمة الثقافية، حيث الازمة الروحية هي متعلقة بعمق الانسان ونفسه التي قال عنها الحق (قد أفلح من زكاها و خاب من دساها) منها أزمات السرقة والفساد الناتجة من الاطماع و حب النفس حيث الارواح لم تعامل الله عز وجل في خلقه فلم ترتقي الارواح، فسأل الحبيب الحضور قائلاً أأتوني بأزمة لا يعيشها الفرد على مستوى العالم او الاسرة او المجتمع او الدولة او الامه او القرية الصغيرة ليس اصلها يرجع الى النفوس، و الاصل الثاني الازمة الثقافية فالدول التي تسمى دول متقدمة اليوم تختلف عنا في جانب ان تلك الدول الثقافة عندها تقود السياسة والاقتصاد فنتاج نظر المتخصصين والمثقفين هو من يصنع السياسة اما عندنا نحن فالسياسة هي من تصادر الثقافة ثم تصنعها وهذا فارق، لكن ايضاً هناك الثقافة الشريرة التي تصنع سياسة شريرة تساهم في تدمير العالم. حيث ان المسؤولية تعود على المثقف فالمثقف يجب ان يقود السياسة لا ان يدعها تقوده، كما ان الحلول موجودة ايضاَ في رسائل سريعة حيث تبدأ حلول الأزمة الروحية من البيت حيث الأم يجب أن تربي أبنائها على غرس معنى حب الله قبل سنة الثواب والعقاب، فعندما لا يربى الجيل على المحبة لا تكون الاسرة قائمة على المحبة ولا الدين و المجتمع فالإنسانية قبل التدين فهي وعاء التدين و لا يجب ان يتلطخ بالقاذورات ضارباً بذلك الامثلة، خاتماً كلامه بحلول الازمة الثقافية فالارتباك و الفوضى وفقد الثوابت الانسانية الحاصل في العالم الان هي نتائج ما بعد الحداثة، فهي من أنتجت سياسة التفرد بالقوة والحق هو القوة ضارباً بذلك الامثال.
اختتم الحبيب علي الجفري برنامج زيارته يوم الجمعة 15 أبريل بمسجد الشيخ الكباشي بعد اعتذاره عن خطبة الجمعة بمسجد الشهيد نتيجة الارهاق الذي ألم به، هذا وقد شهدت جميع لقاءاته ومحاضراته التي ألقاها حضوراً جماهيراً لافتاً من جميع فئات المجتمع بالسودان.
